﴿فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ أي ظلموا أنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد بتكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلّم أو وضعوا مكان التصديق تكذيباً وهم أهل مكة ﴿ذَنُوبًا﴾ أي نصيباً وافراً من العذاب ﴿مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ﴾ مثل انصباء نظرائهم من الأمم المحكية وهو مأخوذ من مقاسمة السقاة الماء بالذنور وهو الدلو العظيم المملوء قال : لنا ذنوب ولكم ذنوب.
فإن أبيتم فلنا القليب.
قال في المفردات : الذنوب الدلو الذي ذنب واستعير للنصيب كما استعير السجل وهو الدلو العظيم وفي القاموس الذنوب الفرس الوافر الذنب ومن الأيام الطويل الشر والدلو أو فيها ماء أو الملأى أو دون الملأى والحظ والنصيب والجمع أذنبة وذنائب وذناب انتهى ﴿فَلا يَسْتَعْجِلُونِ﴾ أصله يستعجلوني بياء المتكلم أي لا يطلبوا مني أن أعجل في المجيىء به لأن له أجلاً معلوماً فهو نازل بهم في وقته المحتوم يقال استعجله أي حثه على العجلة وأمره بها ويقال استعجله أي طلب وقوعه بالعجلة ومنه قوله تعالى أتى أمر الله فلا تستعجلوه وهو جواب لقولهم متى هذا الوعد إن كنتم صادذين وكان النضر بن الحارث يستعجل بالعذاب فأمهل إلى بدر ثم قتل في ذلك اليوم وصار إلى النار فعذب أولاً بالقتل ثم بالنار ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ س واى مرانا نراكه كافر شدند والويل أشد من العذاب والشقاء والهم ويقال واد في جهنم وضع الموصول موضع ضميرهم تسجيلاً عليهم بما في حز الصلة من الكفر وإشعاراً بعلة الحكم والفاء لترتيب ثبوت الويل لهم على أن لهم عذاباً عظيماً كما أن الفاء الأولى لترتيب النهي عن الاستعجال على ذلك ﴿مِن يَوْمِهِمُ الَّذِى يُوعَدُونَ﴾ من للتعليل أي يوعدونه من يوم بدر وقيل يوم القيامة وهو الأنسب لما في صدر السورة الآتية والأول هو الأوفق لما قبله من حيث أنهما من العذاب الدنيوي وأياً
١٨٣
ما كان فالعذاب آت وكل آت قريب كما قالوا.
كره قيامت دير آيدولى مى آيد عمر اكره دراز يود ون مرك روى نمود ازان درازى ه سود نوح هزار سال درجهان يسر برده است امروز ند هزار سالست كه مرده است فعلى العاقل أن يتعجل في التوبة والإنابة حتى لا يلقى الله عاصياً ولا يتعجل في الموت فإنه آت البتة وفي الحديث لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله وأنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً أي فإنه إن كان محسناً فلعله إن يزداد خيراً وإن كان مسيئاً فلعل الله يرزقه الإنابة :
أي كه نجاه رفت ودر خوابى
مكر اين نج روز دريابى
وفي التأويلات النجمية فإن للذين ظلموا من أهل القلوب على قلوبهم بأن جعلوها ملوثة بحب الدنيا بعد أن كانت معدن محبة الله ذنوباً مثل ذنوب أصحابهم من أرباب النفوس بجميع صفاتها يعني أن فساد القلب بمحبة الدنيا يوازي فساد النفس بجميع صفاتها لأن القب إذا صلح صلح به سائر الجسد وإذا فسد فسد به سائر الجسد فلا تستعجلون في إفساد القلب فويل للذين كفروا بنعمة ربهم في إفساد القلب من يومهم الذي يوعدون بإفساد سائر صفات الجسد ومن الله العصمة والحفظ.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٤٥
تفسير سورة الطور
مكية وآيها تسع وأربعون
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٨٣
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٨٤
﴿وَالطُّورِ﴾ الواو للقسم والطور بالسريانية الجبل وقال بعضهم هو عربي فصحيح ولذا لم يذكره الجواليقي في المعربات وقال ابن عباس رضي الله عنهما : الطور كل جبل ينبت قال :
لو مر بالطور بعض ناعقة
ما أنبت الطور فوقه ورقه
كويند مراد اينجا مطلق كوهست كه اوتاد ارض اند.
وفيه منابع ومنافع وقيل بل هو جبل محيط بالأرض والأظهر الأشهر أنه اسم جبل مخصوص هو طور سينين يعني الجبل المبارك وهو جبل بمدين واسمه زبير سمع فيه موسى عليه السلام كلام الله تعالى ولذا أقسم الله تعالى به لأنه محل قدم الأحباب وقت سماع الخطاب وورد على محل القدم كثير من الأولياء فظهر عليهم الخال تلك الساعة وقال في خريدة العجائب جبل طورسينا هو بين الشام ومدين قيل إنه بالقرب من أيلة وهو المكلم عليه موسى عليه السلام كان إذا جاءه موسى للمناجاة ينزل عليه غمام فيدخل في الغمام ويكلم ذا الجلال والإكرام وهو الجبل الذي دل عند التجلي وهناك خر موسى صعقاً وهذا الجبل إذا كسرت حجارته يخرج من وسطها شجرة العوسج على الدوام وتعظيم اليهود لشجرة العوسج لهذا المعنى ويقال لشجرة العوسج شجرة اليهود انتهى كلام الخريدة والعوسج جمع عوسجة وهي شوك كما في القاموس ﴿وَكِتَابٍ مُّسْطُورٍ﴾ مكتوب على وجه الانتظام فإن السطر ترتيب الحروف
١٨٤