عنوانها من رب العالمين إلى فلان ابن فلا تؤمر فيها باتباعك أي بأن يقال اتبع محمداً فإنه رسول من قبلي إليك كما قالوا ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرأه وامرىء قال في "القاموس" المرء مثلثة الميم الإنسان أو الرجل ولا يجمع من لفظه ومع ألف الوصل ثلاث لغات فتح الراء دائماً وإعرابها دائماً وأن مع صلته مفعول يريد وصحفاً مفعول ثان ليؤتى والأول ضمير كل ومنتشرة صفة صحف جمع صحيفة بمعنى الكتاب قال في تاج المصادر وصحف منتشرة شدد للكثرة ﴿كَلا﴾ ردع عن اقتراحهم الآيات وإرادتهم ما أرادوه فإنهم إنما اقترحوها تعنتاً وعناداً لأهدى ورشاداً ﴿بَل لا يَخَافُونَ الاخِرَةَ﴾ لاستهلاكهم في محبة الدنيا فلعدم خوفهم منها أعرضوا عن التذكرة لا لامتناع إيتاء الصحف ﴿كَلا﴾ ردع عن إعراضهم عن التذكرة ﴿إِنَّهُ﴾ الضمير في إنه وفى ذكره للتذكرة لأنها بمعنى الذكر أو القرآن كالموعظة بمعنى الوعظ والصيحة بمعنى الصوت ﴿تَذْكِرَةٌ﴾ أي تذكرة فالتنوين للتعظيم أي تذكرة بليغة كافية وفي برهان القرآن أي تذكير للحق وعدل إليها للفاصلة ﴿فَمَن﴾ س هركه ﴿شَآءَ﴾ أن يذكره ويتعظ به قبل الحلول في القبر ﴿ذَكَرَهُ﴾ أي جعله نصب عينه وحاز بسببه سعادة الدارين فإنه ممكن من ذلك ﴿وَمَا يَذْكُرُونَ﴾ بمجرد مشيئتهم للذكر كما هو المفهوم من ظاهر قوله تعالى فمن شاء ذكره إذ لا تأثير لمشيئته العبد وإرادته في أفعاله وضمير الجمع إما أن يعود إلى الكفرة لأن
٢٤٢
الكلام بهم أو إلى من نظر إلى عموم المعنى لشموله لكل من المكلفين ﴿إِلا أَن يَشَآءَ اللَّهُ﴾ استثناء مفرغ من أعمل العلل أو من أعم الأحوال أي وما يذكرون لعلة من العلل أو في حال من الأحوال إلا بأن يشاء الله أو حال أن يشاء الله ذكرهم وهذا تصريح بأن أفعال العبد بمشيئة الله لا بإرادة نفسه قال في عين المعاني فمن شاء الخ تخييير بإعطاء المكنة لتحقيق العبودية وقوله إلا أن يشاء الله تخيير إمضاء القدرة لتحقيق الألوهية ﴿هُوَ﴾ أي الله تعالى ﴿أَهْلُ التَّقْوَى﴾ أي حقيق بأن يتقى عقابه ويؤمن به ويطاع فلتقوى مصدر من المبنى للمفعول ﴿وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ﴾ حقيق بأن يغفر لمن آمن به وأطعه قال بعضهم التقوى هو التبري من كل شيء سوى الله فمن لزم الآداب في التقوى فهو أهل المغفرة.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٢٣
تفسير سورة القيامة
تسع وثلاثون أو أربعون آية مكية
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٤٢
﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ لا صلة لتوكيد القسم وما كان لتوكيد مدخوله لا يدل على النفي وإن كان في الأصل للنفي قال الشاعر :
تذكرت ليلى فاعترتني صبابة
وكاد ضمير القلب لا يتقطع
أي يتقطع والمعنى بالفارسية هراينه سوكند ميخورم بروز رستاخيز أو للنفي لكن لا لنفي نفس الأقسام بل لنفي ما ينبىء هل عنه من إعظام المقسم به وتفخيمه كأن معنى لا أقسم بكذا لا أعظمه بأقسامي به حق إعظامه فإنه حقيق بأكثر من ذلك وأكثر أو لنفي كلام معهود قبل القسم روده كأنهم أنكروا البعث فقيل لا أي ليس الأمر كذلك ثم قيل اقسم بيوم القيامة كقولك لا والله إن البعث حق وأياماً كان ففي الأقسام على تحقق البعث بيوم القيامة من الجزالة ما لا مزيد عليه وإما ما قيل من أن المعنى نفي الأقسام لوضوح الأمر فبأياه تعيين المقسم به وتفخيم شأن القسم به قال المغيرة بن شعبة رحمه الله يقولون القيامة وإنما قيامة أحدهم موله وشهد علقمة جنازة فلما دفن قال أما هذا فقد قامت قيامته ونظمه بعضهم :
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٤٣
خرجت من الدنيا وقامت قيامتي
غداة أقل الحاملون جنازتي
﴿وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ قال في عين المعاني القسم بالشيء تنبيه على تعظيمه أو ما فيه من لطف الصنع وعظم النعمة وتكرير ذكر القسم تنبيه على أن كلا من المقسم به مقصود مستقل بالقسم لما إن له نوع فضل يقتضي ذلك واللوم عذل الإنسان بنسبة ما فيه لوم والمراد بالنفس اللوامة هي النفس الواقعة بين الأمارة والمطمئنة فلها وجهان.
وجه يلي النفس الأمارة وهو وجه الإسلام فإذا نظرت إلى الأمارة بهذ الوجه تلومها على ترك المتابعة والأقدام على المخالفة وتلوم أيضاً نفسها على ما فات عنها في الأيام الماضية من الأعمال والطاعات والمراتعة في المراتع الحيوانية الظلمانية.
ووجه يلي النفس المطمئنة وهو وجه
٢٤٣