﴿يَصْلَوْنَهَا﴾ أما صفة لجحيم أو استئناف مبني على سؤال نشأ عن تهويلها كأنه قيل ما حالهم فيها فقيل يقاسون حرها كما قال الخليل صلى الكافر النار قاسي حرها وباشره ببدنه ولم يصف النعيم بما يلائمه لأن ما سبق من الكلام كان في المكذبين الفجرة لأن المقام مقام التخويف وذكر تبشير الأبرار لأنه ينكشف به حال الفجار الأشرار لأن الأشياء تعرف بأضدادها ﴿يَوْمَ الدِّينِ﴾ يوم الجزاء الذي كانوا يكذبون به ﴿وَمَا هُمَ﴾ ونيست فجار ﴿عَنْهَا﴾ أي عن الجحيم ﴿بِغَآااِبِينَ﴾ طرفة عين يعني دروجاويد باشند وبيرون نيايند كقوله تعالى :[المائدة : ٣٧-١٧]﴿وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا﴾ فالمراد دوام نفي الغيبة لا نفي دوام اغيبة وقيل وما كانوا غائبين عنها قبل ذلك بالكلية بل كانوا يجدون سمومها في قبورهم حسبما قال النبي عليه السلام، القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران وما أدراك} الخطاب لكل من يأتى منه الدراية وما مبتدأ وإدراك خبره ﴿مَآ﴾ خبر قوله ﴿يَوْمَ الدِّينِ﴾ وما لطلب الوصف وإنك ان وضعه لطلب الحقيقة وشرح الاسم والمعنى أي شيء جعلك داريا وعالماً ما يوم الدين أي أي شيء عجيب هو في الهول والفظاعة أي ما أدراك إلى هذا الآن أحد كنه أمره فإنه خارج عن دائره درية الخلق على أي صورة بصورونه فهو فوقها وأضعافها ﴿ثُمَّ مَآ أَدْرَااكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ تكرير بثم امفيدة للترقي في الرتبة للتأكيد وزيادة التخويف والمجوع تعجيب للمخاطبين وتفخيم لشأن اليوم وإظهار يوم الدين في موقع الإضمار تأكيد لهوله وفخامته ﴿يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْاًا﴾ بيان إجمال لشأن يوم الدين أثر إبهامه وبيان خروجه عن دائرة علوم الخلق بطريق إجاز الوعد فإن نفي إدرائهم مشعر بالوعد لكريم بالإدراء.
قال ابن عباس رضي الله عنهما كل ما في القرآن من قوله تعالى :[الانفطار : ١٧-١٩]﴿وَمَآ أَدْرَااكَ﴾ فقد أدراه وكل ما فيه من قوله وما يدريك فقد طوى عنه ويوم مرفوع على إنه خبر مبتدأ محذوف حركته الفتح لإضافته إلى غير متمكن كأنه قيل هو يوم لا تملك فيه نفس من النفوس لنفس من النفوس شيئاً من الأشياء أو منصوب بإضمار أذكر كأنه قيل بعد تفخيم أمر يوم الدين وتشويقه عليه السلام إلى معرفته اذكر يوم لا تملك.
الخ فإنه يدريك ما هو ودخل في نفس كل نفس ملكية وبشرية وجنية وفي شيء كل ما كن من قبيل جلب المنفعة أو دفع المضرة والأمر} كله ﴿يَوْمَااِذٍ﴾ أي يوم إذ لا تملك نفس لنفس شيئاً وحده والأمر واحد إلا وأمر فإن الأمر والحكم والقضاء من شأن الملك المطاع والخلق كلهم مقهورون تحت سطوات الربوبية وحكها ويجوز أن يكون واحد الأمور فإن أمور أهل المحشر كلها بيده تعالى
٣٦٢
لا تصرف فيها غيره أخبر تعالى بضعف الناس يومئذٍ وإنه لا ينفعهم الأموال والأولاد والأعوان والشفعاء كما في الدنيا بل ينفعهم الإيمان والبر والطاعة وإنه لا يقدر أحد أن يتكلم إلا بإذن الله وأمره إذا لأمر له في الدنيا والآخرة في الحقيقة وإن كان يظهر سلطانه في الآخرة بالنسبة إلى المحجوب لأن المحجوب يرى إن الله ملكه في الدنيا وجعل له شيئاً من لأمور والأومر فإذا كان يوم لقيامة يظهر له إن لأمر والملكتعالى لا يزاحمه فيه أحد ولا يشاركه ولو صورة وفيه تهديد لأرباب الدعاوي وأصحاب المخالفة وتنبيه على عظيم بطشه تعالى وسطوته.
وفي الحديث من قرأ إذا السماء انفطرت أعطاه الله من الأجر بعدد كل قبر حسنة وبعدد كل قطرة ماء حسنة وأصلح الله شأنه يوم القيامة.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٥٥
تفسير سورة المطففين
ست وثلاثون آية مختلف في كونها مكية أو مدنية
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٦٢
﴿وَيْلٌ﴾ شدة الشر أو الهلاك أو العذاب الأليم، وقال ابن كيسان : هو كلمة كل مكروب واقع في البلية فقولك ويل لك عبارة عن استحقاق المخاطب لنزول البلاء والمحنة عليه، الموجب له أن يقول وأويلاه ونحوه وقيل : أصله وى لفلان أي الحزن فقرن بلام الإضافة تخفيفاً وبالفارسية وأي.
وهو مبتدأ وإن كان نكرة لوقوعه في موقع الدعاء على ما سبق بيانه في المرسلات ﴿لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾ الباخسين حقوق الناس في المكيال والميزان وبالفارسية مركاهند كانرا دركيل ووزن.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٦٣


الصفحة التالية
Icon