وفي التأويلات النجمية : وإذا قرىء على النفس والهوى والقوى البشرية الطبيعية المواعظ الإلهية القرآنية المنزلة على رسول القلب لا يخضعون ولا ينقادون لاستماعها وامتثال أوامرها وائتمار أحكامها ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ﴾ بالقرآن الناطق بما ذكر من أحوال القيامة وأهوالها مع تحقق موجبات تصديقه ولذلك لا يخضعون عند تلاوته وهذا من وضع الظاهر موضع الضمير للتسجيل عليهم بالكفر والأشعار بما هو العلة في عدم خضوعهم للقرآن وفي البروج في تكذيب لأنه راعي في السورتين فواصل الآي مع صحة الفظ وجودة المعنى وفي بعض التفاسير الظاهر إن المراد التكذيب بالقلب بمعنى عدم التصديق وهو إضراب ترق فإن عدم الإيمان يكون بالشك أيضاً والتكذيب من شدة الكفر وقوة الانكار الحاملة على الإضراب ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ﴾ بما يضمرونه في قلوبهم ويجمعونه في صدورهم من الفر والحسد والبغي والبغضاء فيجازيهم على ذلك في الدنيا والآخرة فما موصولة يقال أوعيت الشيء أي جعلته في وعاء أي ظرف ثم استعير هو والوعي لمعنى الحفظ أو بما يجموعونه في صحفهم من أعمال السوء ويدخرونه لأنفسهم من أنواع العذاب علماً فعلياً تفصيلياً.
قال القاشاني : بما يوعونه في وعاء أنفسهم وبواطنهم من الاعتقادات الفاسدة والهيئات الفاسقة وقال نجمد الدين من إغراقهم في بحر الشهوات الدنيوية وإحراقهم بنيرن العذاب الأخروية ﴿فَبَشِّرْهُم﴾ أي الذين كفروا ﴿بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ مؤلم غاية الإيلام لأن علمه تعالى بذلك على الوجه المذكور موجب لتعذيبهم حتماً وهو استهزاء بهم وتهكم كما قال تعالى :﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ لأن البشارة هي الأخبار بالخبر السار وقد استعملت في الخبر المؤلم.
(قال الكاشفي) : يعني خبركن ايشانرا بعذاب دردناك وفيه رمز إلى تبشير المؤمنين بالثواب المريح راحة جسمانية وروحانية لأن التخصيص ليس بضائع ولذلك قال تعالى إلا الذين} استثناء منقطع من الضمير المنصوب في فبشرهم الراجع إلى الذين كفروا والمستثنى وهم المؤمنون خارج عنهم أي لكن الذين ﴿ءَامَنُوا﴾ إيماناً صادقاً وأيضاً الإيمان العلمي بتصفية قلوبهم عن كدر صفات النفس ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ من الطاعات المأمور بها وأيضاً باكتساب الفضائل ﴿لَهُمْ﴾ في الآخرة ﴿أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُون﴾ أي غير مقطوع بل متصل دائم من منه منا بمعنى قطعه قطعاً أو ممنون به عليهم فإن المنة تكدر النعمة من من عليه منة والأول هو الظاهر ولعل المراد من الثاني تحقيق الأجر وإن
٣٨٢
المأجور استحق الأجر بعمله إطاعة لربه وإن كان ذلك الاستحقاق من فضل الله كما إن إعطاء القدرة على العمل والهداية إليه من فضله أيضاً.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٧٥
حسن بصري قدس سره : كفت كساني را يافتم كه ايشان بدنيا جوانمرد وسخى بودند همه دنيا بدادندى ومنت ننهادند وبوقت خويش نان بخيل بودندكه ك نفس از روز كار خويش نه به دردادندى ونه بفرزند.
قال القاشاني : لهم أجر من ثواب الآثار والصفات فيج نة النفس والقلب غير مقطوع لبراءته من الكون والفساد وتجرده عن المواد.
وفي التأويلات النجمية : إلا الذين آمنوا من الروح والسر والقلب وقواهم الروحانية وعملوا الصالحات من الأعراض عن الدنيا والإقبال على الله لهم أجر غير ممنون بمنة نفسهم واجتهادهم واكتسابهم بل بفضل الله ورحمته.
قال بعض العلماء النكتة في ترتيب السور الثلاث إن في انفطرت التعريف بالحفظة الكاتبين وفي المطففين التعريف بمستقر تلك الكتب وفي هذه السورة أي الانشقاق إيتاؤها يوم القيامة عند العرض والله تعالى أعلم.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٧٥
تفسير سورة البروج
ثنتان وعشرون آية مكية
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٨٢
﴿وَالسَّمَآءِ﴾ كل جرم علوي فهو سماء فدخل فيه العرش ﴿ذَاتِ الْبُرُوجِ﴾ جمع برج بمعنى القصر بالفارسية كوشك.