تفسير سورة الزلزلة
آياتها ثمان
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٩١
إذا} ون ﴿زُلْزِلَتِ الارْضُ﴾ أي حركت تحريكاً عنيفاً متكرراً متداركاً فإن تكرر حروف لفظه ينبىء عن تكرر معنى الزلل ﴿زِلْزَالَهَا﴾ أي الزلزال المخصوص بها الذي تستوجبه في الحكمة ومشيئة الله وهو الزلزال الشديد الذي لا غاية ورآه وهو معنى زلزالها بالإضافة العهدية يقال زلزله زلزلة وزلزالاً مثلثة حركة كما في "القاموس" وقال أهل التفسير الزلزال بالكسر مصدر وبالفتح اسم بمعنى المصدر وفعلال بالفتح لا يوجد إلا في المضاعف كالصلصال ونحوه ﴿وَأَخْرَجَتِ الارْضُ أَثْقَالَهَا﴾ اختيار الواو على الفاء مع أن الإحراج متسبب عن الزلزال للتفويض إلى ذهن السامع وإظهار الأرض في موضع الإضمار لأن إخراج الأثقال حال بعض أجزائها والأثقال كنوز الأرض وموتاها جمع ثقل بالكسر وإما ثقل محركة فمتاع المسافر وحشمه على ما في "القاموس" المعنى وأخرجت الأرض ما في جوفها من دائها وكنوزها كما عند زلزال النفخة الأولى الذي هو من أشراط الساعة وكذا من أمواتها عند زلزال النفخة الثانية وفي الخبر تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوانة من الذهب فيجيء القاتل فيقول في هذا قتلت ويجيء القاطع رحمة فيقول : في هذا قطعت رحمي ويجيء السارق فيقول في هذا القطعت يدي ثم يدعونه فلا يأخذون منه شئياً قوله أفلاذ كبدها أراد أنها تخرج الكنوز المدفونة فيها وقيئها إخراجها ويدخل في الأثقال الثقلان وفيه إشارة إلى أن الجن تدفن أيضاً ﴿وَقَالَ الانسَانُ﴾ أي كل فرد من أفراده لما يغشاهم من الأهوال ويلحق بهم من فر الدهشة وكمال الحيرة أي شيء للأرض زلزلت هذه المرة الشديدة من الزلزال وأرجت ما فيه من الأثقال استعظاماً لما شاهده من الأمر الهائل وتعجباً لما يرونه من العجائب التي لم تسمع بها الآذان ولا ينطق بهما اللسان لكن المؤمن يقول بعد الإفاقة هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون والكافر من بعثنا من مرقدنا ﴿يَوْمَااِذٍ﴾ يدل من إذا ﴿تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾ عامل فيهما وهو جواب الشرط وهذا على القول بأن العامل في إذا الشرطية جوابها وأخبارها مفعول لتحدث والأول محذوف لعدم تعلق الغرض بذكره إذ الكلام مسوق لبيان تهويل اليوم وإن الجمادات تنطق فيه وإما ذكر ابن الحاجب من أن حدث
٤٩٢
وأنبأ ونبأ لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد فغير مسلم الصحة على ما فصل في محله والمعنى تحدث الخلق أخبارها إما بلسان الحال حنث تدل دلالة ظاهرة على ما لأجله زلزالها وإخراج أثقالها وإن هذا ما كانت الأنبياء ينذرونه ويخوفون منه وإما بلسان المقال وهو قول الجمهور حيث ينطقها الله تعالى فتخبر بما عمل على ظهره من خير وشر حتى يؤد الكافر أنه سيق إلى النار مما يرى من الفضوح.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٩٢
روى) أن عبد الرحمن بن صعصعة كان يتيماً في حجر أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، فقال أبو سعيد يا بني إذا كنت في البوادي فارفع صوتك بالأذان فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول لا يسمعه جن ولا أنس ولا حجر ولا شجر إلاشهد له وروى أن أبا أمية صلى في المسجد الحرام المتكوبة ثم تقدم فجعل يصلي ههنا وههنا فلما فرع قيل له يا أبا أمية ما هذا الذي تصنع قال قرأت هذه الآية يومئذ تحدث أخبارها فأردت أن يشهد لي يوم القيامة فطوبى لمن شهد له المكان بالذكر والتلاوة والصلاة ونحوها وويل لمن شهد عليه بالزنى والشرب والسرقة والسماوي ويقال إنعليك سبعة شهود المكان كما قال تعالى : يومئذٍ تحدث أخبارها والزمان كما في الخبر ينادي كل يوم أنا يوم جديد وأنا على ما تعمل في شهيد واللسان كما قال تعالى يوم تشهد عليهم ألسنتهم والأركان كما قال تعالى وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم والملكان كما قال تعالى :[الانفطار : ١٠]﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ﴾ والديوان كما قال تعالى : هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق والرحمن، كما قال : إنا كنا عليكم شهوداً فكيف يكون حالك يا عاصي بعد ما شهد عليك هؤلاء الشهود بأن ربك أوحى لها} أي تحدث أخبارها بسبب إيحاء ربك لها وأمره إياها بالتحديث بلسان المقال على ما عليه الجمهور أو بسبب أن أحدث فيها أحوالاً دالة على الأخبار كما إذا كان التحديث بلسان الحال وفيه إشارة إلى زلزلة أرض البدن عند نزع الروح الإنساني باضطراب الروح الحيواني والقوى وإلى إجراجها متاعها التي هي به ذات قدر من القوى والأرواح وهيئات الأعمال والاعتقادات الراسخة في القلب وقال الإنسان مالها زلزلت واضطربت ما طبها وما داؤها الانحراف المزاج أم لغلبة الأخلاط يومئذٍ تحدث أخبارها بلسان حالها بأن ربك أشار إليها وأمرها بالاضطراب والخراب وإخراج الأثقال عند زهوق الروح وتحقق الموت ﴿يَوْمَااِذٍ﴾ أي يوم إذ يقع ما ذكر ﴿يَصْدُرُ النَّاسُ﴾ من قبورهم إلى موقف الحساب وانتصب يومئذٍ بيصدر والصدر يكن عن ورود أي هو رجوع وانصراف بعد الورود والمجيء فقال الجمهور هو كونهم مدفونين في الأرض والصدر قيامهم للبعث والصدر والصدور بالفارسية باز كشتن.


الصفحة التالية
Icon