فهي للهاوية والهاء للسكت والاستراحة والوقف وإذا وصل القارىء حذفها وقيل حقه أن لا يدرج لئلا يسقطها الإدراج لأنها ثابتة في المصحف وقد أجيزا ثباتها مع الوصل، قال أبو الليث قرأ حمزة والكسائي بغير هاء في الوصل وبالهاء عند الوقف والباقون بإثباتها في الوصل والوقف وقد سبق مفصلاً في الحاقة وفيه إشعار بخروجها عن الحدود المعهودة فلا يدريها أحد ثم أعلمها بقوله ﴿نَارٌ حَامِيَةُ﴾ متناهية في الحر وبالفارسية آتشى بغايت رسيده درسوزش.
يقال حمى الشمس والنار حماً وحميا وحموا اشتد حرهما وقد سبق :
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٩٩
تفسير سورة التكاثر
مختلف فيها وهي ثمان آيات
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٠٠
﴿أَلْهَااكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ اللهو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه ويقال لهوت بكذا ولهوت عن كذا أي اشتغلت عنه بلهو ويعبر به عن كل ما به استمتاع ويقال ألهي عن كذا أي شغل عما هوأهم والتكاثر التباري في الكثرة والتباهي بها وأن يقول هؤلاء نحن أكثر وهؤلاء نحن أكثر والمعنى شغلكم التغالب في الكثرة والتفاخر بها وبالفارسية مشغول كرد شمارا فخر كردن به بسيارى قوم.
قال ابن الشيخ الإلهاء الصرف إلى اللهو البعث والتكاثر إذا صرف العبد إلى اللهو يكون العبد منصرفاً إليه ومعلوم أن الإنصراف إلى الشيء يقتضى الإعراض عن غيره فتفسير ألهاكم كذا بشغلكم تفسير له بما يلزم أصل معناه إلا أنه صار حقيقة عرفية فيه بالغلبة وحذف الملهى عنه أي الذي إلهي عنه وهو ما يعنيهم من أمر الدين للتعظيم والمبالغة إما الأول فلان الحذف كالتنكير قد يجعل ذريعه إلى التعظيم لاشتراكهما في الإبهام.
وأما الثاني فلان تذهب النفس كل مذهب ممكن فيدخل فيه جميع ما يحتمله
٥٠١
المقام مثل إلهاكم التكاثر عن ذكر الله وعن الواجبات والمندوبات مما يتعلق بالقلب كالعلم والتفكر والاعتبار أو بالجوارح كأنواع الطاعات وتعريف التكاثر للعهد والعهد المذموم هو التكاثر في الأمور الدنيوية الفانية كالتفا خربا لمال والجاه والأعوان والأقرباء وأما التفاخر بالأمور الأخروية الباقية فممدوح كالتفاخر بالعلم والعمل والأخلاق والصحة والقوة والغنى والجمال وحسن الصوت إذا كان بطريق تحديث النعمة من ذلك تفاخر العباس رضي الله عنه بأن السقاية بيده وتفاخر شيبة بأن مفتاح البيت بيده إلى أن قال علي رضي الله عنه، وأنا قطعت خرطوم الكفر بسيفي فصار الكفر مثلة والتكاثر مكاثرة اثنين مالاً أو عدداً بأن يقول كل منهما لصاحبه أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً والمراد هنا هو التكاثر في العدد لأنه روى أن بني عبد مناف وبني سهم تفاخروا وتعادوا وتكاثروا بالسعادة والإشراف في الإسلام فقال كل من الفريقين نحن أكثر منكم سيدا وأعظم نفراً فكثرهم بنوا بعد مناف أي غليهم بالكثرة فقال بنو أسهم أن البغي أفناناً في الجاهلية فعادونا بالإحياء والأموات.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٠١
قال الكاشفي) : بكورستان رفتند وكورها بر شمر، دندكه اين قبر فلان واين قبر فلان قبور أشراف قبيله خود شمردند.
فكثرهم بنو أسهم يعني سه خاندان بني سهم زيادة آمد بربني عبد مناف برين نسق بر يكديكر تطاول نمودند وتفاخر كردند.
والمعنى أنكم تكاثر تم بالإحياء ﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ أي حتى استوعبتم عددهم وصرتم إلى التفاخر والتكاثر بالأموات وبالفارسية تاحدى آمديد بورستانها ومرد كانرا شماره كرديد.
فعبر عن انتقالهم إلى ذكر الموتى بزيارة القبور أي جعلت كناية عنه تهكماً بهم قال الطيبي إنما كان تهكاً لأن زيارة القبور شرعت لتذكر الموت ورفض حب ادنيا وترك المباهاة والتفاخر وهؤلاء عكسوا حيث جعلوا زيارة القبور سبباً لمزيد القسوة والاستغراق في حب الدنيا والتفاخر في الكثرة وهذا خبر فيه تفريع وتوبيخ والغاية تدخل تحت المغيا في هذا الوجه وقيل المعنى إلهاكم التكاثر بالأموال والأولاد إلى إن متم وقبرتم مضيعين أعماركم في طلب الدنيا معرضين عما يهمكم من السعي لإخراكم فتكون زيارة القبور عبارة عن الموت والتكاثر هو التكاثر بالمال والولد كما روى إنه عليه السلام، سمع إنه يقرأ هذه الآية ويقول بعدها يقول ابن آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت وفيه إشارة إلى أنهم يبعثون فإن الزائر منصرف لا مقيم وقرأها عمر بن عبد العزيز قال : ما أرى المقابر إلا زيارة ولا بد لمن زار إن يرجع إلى بيته أما إلى الجنة أو إلى النار وفيه تحذير عن الدنيا وترغيب في الآخرة والاستعداد للموت.
روزي كه اجل كند شبيخون
البته بيايد از جهان رفت
كردل نبود أسير دنيا
آسان ره آن جهان توان رفت
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٠١