تفسير سورة الماعون
سبع أو ست آيات مكية
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٢٠
رأيت} يا محمد أي هل عرفت ﴿الَّذِى يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾ أي بالجزاء أو بالإسلام يعني آياديدي ودانستي آنكس راكه تكذيب مكيندبر وزجرا ويا دين الإسلام وباور نميكند.
إن لم تعرفه أو إن أردت أن تعرفه ﴿فَذَالِكَ الَّذِى يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾ أي بدفعه دفعاً عنيفاً ويزجره زجراً
٥٢١
قبيحاً فهو جواب شرط محذوف على أن ذلك مبتدأ والموصول خبره وهو و جهل كان وصياً ليتيم فجاءه عرياناً يسأله من مال نفسه فدفعه دفعاً شنيعاً فأيس الصبي فقال له اكابر قريش بقل لمحمد يشفع لك وكان غرضهم الاستهزاء به وهو عليه السلام ما كان يرد محتاجاً فذهب معه إلى أبي جهل فقام أبو جهل وبذل المال لليتيم فعيره قريش وقالوا أصبوت فقال لا والله ما صبوت ولكن رأيت عن يمينه وعن يساره حربة خفت إن لم أجبه يطعنها في فالذي للعهد ويحتمل الجنس فيكون عاماً لكل من كان مكذباً بالدين ومن شأنه أذية الضعيف ودفعه بنف وخشنونة لاستيلاء النفس السبعية عليه ﴿وَلا يَحُضُّ﴾ أ لا يحث أهله وغيرهم من الموسرين ﴿عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ أي على بذل طعام له يعني بر طعام دان درويش ومحتاج ويمنع المعروف عن المستحق لاستيلاء النفس البهيمة ومحبة المال واستحكام رذيلة البخل فإنه إذا ترك حث غيره فكيف يفعل هو نفسه فعلم أن كلا من ترك الحث وترك الفعل من أمارات التكذيب وفي العدول من الإطعام إلى الطعام وإضافته إلى المسكين دلالة على أن للمساكين شركة وحقاً في مال الأغنياء وإنه إنما منع المسكين مما هو حقه وذلك نهاية البخل وقساوة القلب وخساسة الطبع فإن قلت قد لا يحض المرء في كثير من الأحوال ولا يعد ذلك إثماً فكيف يذم به قلت أما لأن عدم حضه لعدم اعتقاده بالجزاء وإما لأن ترك الحض كناية عن البخل ومنع المعروف عن المساكين ولا شبهة في كونه محل الذم والتوبيخ كما أن منع الغير من الإحسان كذلك.
ون زكرم سفله بود در كران
منع كند از كرم ديكران
سفله نخواهد دكلى رابكام
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٢١
خس نكذار دمكسى رابجام
﴿فَوَيْلٌ﴾ الفاء لربط ما بعدها بشرط محذوف كأنه قيل إذ كان ما ذكر من عدم المبالاة باليتيم والمسكين من دلائل التكذيب بالدين وموجبات الذم والتوبيخ فويل أي شدة العذاب ﴿لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ السهو خطأ عن غفلة وذلك ضربان أحدهما أن لا يكون من الإنسان جواليه وبوالداته كمجنون سب إنساناً والثاني أن يكون منه مولداته كمن شرب خمراً ثم ظهر منه منكر لا عن قصد إلى فعله فالأول معفو عنه والثاني مأخوذ به ومنه ما ذم الله في الآية والمعنى ساهون عن صلاتهم سهو ترك لها وقلة التفات إليها وعدم مبالاة بها وذلك فعل المنافقين أو الفسقة من المؤمنين وهو معنى عن ولذا قال أنس رضي الله عنه الحمدعلى أن لم يقل في صلاهم وذلك إنه لو قال في صلاتهم لكان المعنى إن السهو يعتريهم وهم فيها إما بوسوسة شيطان أو بحديث نفس وذلك لا يكاد يخلو منه مسلم والخلوص منه عسير ولما نزلت هذه الآية قال عليه السلام :"هذه خير لكم من أن يعطي كل واحد منكم مثل جميع الدنيا" فإن قلت : هل صدر عن النبي عليه السلام سهو قلت نعم كما قال :(شغلونا عن صلاة العصر) أي يوم الخندق (ملأ الله قلوبهم ناراً) وأيضاً سها عن صلاة الفجر ليلة التعريس وأيضاً صلى الظهر ركعتين ثم سلم فقال له أبو بكر رضي الله عنه صليت ركعتين
٥٢٢