ولك في الآخرة ما لا يندرج تحت البيان وذلك إنهم زعموا حين مات ابنه عليه السلام القاسم وعبد الله بمكة إبراهيم بالمدينة إن محمداً صلى الله عليه وسلّم ينقطع ذكره إذا انقطع عمره لفقدان سنله فنبه الله إن الذي ينطع ذكره هو الذي يشنأه فأما هو فكما وصفه الله تعالى ورفعنا لك ذكرك وذلك إنه أعطاه نسلاً يبقون على مر الزمان فانظركم قتل من أهل البيت ثم العالم متلىء منهم وجعله أباً للمؤمنين فهم أعقابه وأولاده إلا يوم القيام وقيض له من يراعيه ويراعي دينه الحق وإلى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين رضي الله عنه، العلماء باقون ما بقى الدهر أعيانهم مفقودة وآثارهم في القلوب موجودة هذا في العلماء الذين هم أتباعه عليه السلام، فكيف هو وقد رفع الله ذكره وجعله خاتم الأبنياء عليهم السلام.
وفي التأويلات النجمية : إن شانئك هو الأبتر وهو حمار النفس المبتور ذنب نسله وعقبه فإن أولاد الأعمال الصالحة والأحوال الصادقة والأخلاق الروحانية والأوصاف الربانية أولادك يا رسول القلب وأتباعك وأشياعك وأعوانك.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٢٤
يقول الفقير : أيده الله القدير وردت لعى سورة الكوثر وقت الضحى بعد القيلولة
٥٢٥
والإشرة فيها إنا بجميع أسمائنا اللطفية الجمالية الإكرامية أعطيناك يا محمد القلب وروسل الهدى المبعوث إلى جميع القوى بالخير والهدى الكوثر وهو العلم الكثير الفائض من منبع الاسم الرحمن فإنا رحمناك بهذه الرحمة العامة الشاملة لجميع الرحمات فلذا صرت مظهر الرحمة الكلية في جميع المواطن فلك علم الأحكام وعلم الحقائق فصل في مسجد الفناء والتسليم وهو المسجد الإبراهيمي لربك أي لشكر ربك ولا دامة شهوده وإبقاء حضوره معك في جميع الحالات وانحر دنة البدن في طريق الخدمة وبدنة الطبيعة في طريق العفة وبدنة النفس في طريق الفتوة إن شانئك أي مبغضك من القوى الشريرة الأنفسية والآفاقية هو الأبتر المقطوع أعقابه وآخره كما قال تعالى فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد رب العالمين الذي ربي لولياء فجعل لهم الوصل كما جعل لأعدائهم القطع ثم إن قوله هو الأبتر يوقف عليه ثم يقال الله أكبر، ولا يوصل بالتكبير حذراً من الإيهام.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٢٤
تفسير سورة الكافرون
ست آيات مكية أو مدنية
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٢٥
﴿قُلْ يا اأَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ قالوا في مناداتهم بهذا الوصف الذي يسترذلونه في بلدتهم ومحل عزهم وشوكتهم إيذان بأنه عليه السلام، محروس منهم فيها علم من أعلام النبوة وفي التعبير بالجمع الصحيح دلالة على قلتهم أو حقارتهم وذلتهم وهم كفرة مخصوصة كالوليد بن المغيرة وأبي جهل والعاص بن وائل وأمية بن خلف والأسود بن عبد يغوث والحارث بن قي ونحوهم قد علم الله إنه لا يأتي ولا يتأتى منهم الإيمان أبداً على ما هو مضمون السورة فالخطاب للرسول عليه السلام، بالنسبة إلى قوم مخصوصين لا يردان مقتى هذا الأمران يقول كل مسلم ذلك لكل جماعة من الكفار مع أن الشرع ليس حاكماً به روى أن رهطاً من عتاة قريش قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلّم هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك بعبد آلهتنا سنة ونعبد ءهك سنة فقال معاذ الله إن رك بالله غيره فقالوا استلم بعض آلهنا نصدقك ونعبد إلهك فنزلت فغدا إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقام على رؤوسهم فقرأها عليهم فأيسوا منه عند ذلك وآذوه وأصحابه وفيه إشارة إلى الذين ستروا نوراً استعدادهم الأصلي بظلمة صفات النفوس وآثار الطبيعة حجبوا عن الحق بالغير ﴿لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ أي فيما يستقبل لأن لا تدخل غالباً إلا على مضارع في معنى الاستقبال كما أن ما لا تدخل إلى على مضارع في معنى الحال ألا ترى إن لن تأكيد فيما ينفيه لا قال الخليل في لن أصله لا والمعنى لا أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم ﴿وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ﴾ أي ولا أنتم فاعلون في المستقبل ما أطلب منكم من عبادة إلهي والمراد ولا أنتم عابدون عبادة يعتد بها إذ العبادة مع إشراك الأنداد لا تكون في حيز الاعتداد ﴿وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ﴾ أي وما كنت عابداًفيما سلف ما عبدتم فيه أي لم يعهد مني عبادة صنم في الجاهلية فكيف يرجى مني في الإسلام ﴿وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ﴾ أي وما عبدتم في وقت من الأوقات ما أنا على عبادته وهو الله تعالى فليس في
٥٢٦
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٢٦