تفسير الفاتحة مثالاً على تدبر القرآن
آخر نسخة
وبذيلها كتاب الطوفي
الحمد لله رب العالمين؛ الرحمن الرحيم مالك يوم الدين؛ وصلى الله على النذير المبين محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين أجمعين؛ وبعد.
فإن أعظم الكتب كتاب الله تبارك وتعالى؛ وإن أعظم سورة في ذلك الكتاب هي سورة الفاتحة؛ وقد تدبر العلماء هذه السورة فاستخرجوا بذلك التدبر خزائن من العلم لا تنفد واكتشفوا به أسراراً عظيمة ليس لمنتهاها حد، وأبانوا عن فوائد جليلة أكثر من أن تُعَد؛ ولقد رأيت أن أذكر هنا أهم ما وفقت إلى الوقوف عليه من ذلك.
وإني لما نظرت في كلام أكثر المفسرين والمتدبرين، على هذه السورة العظيمة : وجدتهم لا يكادون يأتون في هذا الباب بزيادة ذات بال على ما ذكره الإمام ابن القيم في تفسير الفاتحة في صدر كتابه (مدارج السالكين بشرح منازل السائرين بين إياك نعبد وإياك نستعين) وما ذكره من الكلام على بعض أسرارها في (بدائع الفوائد)؛ فرأيت أن أهذب كلامه في هذين الكتابين بحسب ما يقتضيه التقريب والتيسير، ثم أضيف إلى ذلك أهم ما وصلت إليه من فوائد أخرى لم يذكرها هو فيهما؛ ثم أرتب ذلك كله بطريقة تُسَهِّل تناولَه وتكمّل تناسبه؛ وكما يلي:
الفصل الأول
في ذكر الخصائص العامة لسورة الفاتحة
هذه السورة العظيمة تسمى – كما هو مشهور - فاتحة الكتاب، لأنها أول سوره وعنوان مقاصده.
وتسمى أيضاً أم القرآن لقول الرسول ﷺ (لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن)، وإنما سماها بذلك لاشتمالها على أمهات المعاني التي في القرآن.
وتسمى أيضاً سورة المثاني لأنها تثنى في كل صلاة.


الصفحة التالية
Icon