تفسير سورة النجم
﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾، تقدم الكلام عليها، ﴿والنجم إذا هوى ﴾ النجم اسم جنس يُراد به جميع النجوم، وقوله ﴿إذا هوى ﴾: لها معنيان، المعنى الأول: إذا غاب، والمعنى الثاني: إذا سقط منه شهاب على الشياطين التي تسترق السمع وهو مقسم به ﴿ما ضل صاحبكم وما غوى ﴾ هذا جواب القسم، أي المقسم عليه ﴿ما ضل صاحبكم ﴾ أي: ما جهل،﴿وما غوى ﴾ أي: ما عاند، لأن مخالفة الحق إما أن تكون عن جهل، وأما أن تكون عن غي، قال الله تعالى: ﴿ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ﴾ فإذا انتفى عن النبي ﷺ الجهل، وانتفى عنه الغي تبين أن منهجه ﷺ علم ورشد، علم ضد الجهل وهو الضلال، ﴿ما ضل صاحبكم ﴾ ورشد ضد الغي ﴿قد تبين الرشد من الغي﴾ إذاً النبي عليه الصلاة والسلام كلامه حق وشريعته حق، لأنها عن علم ورشد، وقوله: ﴿ما ضل صاحبكم ﴾ يخاطب قريشاً، جاء بهذا الوصف لفائدتين:
الأولى: الإشارة إلى أنهم يعرفونه، ويعرفون نسبه، ويعرفون صدقه، ويعرفون أمانته، فهو ليس شخصاً غريباً عنهم حتى يقولوا لا نؤمن به، لأننا لا نعرفه، بل هو صاحبهم الذي نشأ فيهم، فكيف بالأمس يصفونه بالأمين، والآن يصفونه بالكاذب الخائن.
الثانية: أنه إذا كان صاحبهم فإن مقتضى الصحبة أن يصدقوه وينصروه لا أن يكونوا أعداء له. فهو لم يقل «ما ضل رسول الله» أو«ما ضل محمد»، بل قال: ﴿ما ضل صاحبكم ﴾، فالفائدة من هذا هو أن مقتضى الصحبة أن يكونوا عارفين به، ومقتضى الصحبة أن يكونوا مناصرين له ﴿وما ينطق عن الهوى ﴾ أي: لا يتكلم بشيء صادر عن الهوى بأي حال من الأحوال، فما حكم بشيء من أجل الهوى، ولكنه ينطق بما أوحي إليه من القرآن، وما أوحي إليه من السنة، وما اجتهد به صلى الله عليه وعلى آله وسلم اجتهاداً يريد به المصلحة، فنطقه عليه الصلاة والسلام ثلاثة أقسام: الأول: أن ينطق بالقرآن. الثاني: أن ينطق بالسنة الموحاة إليه التي أقرها الله


الصفحة التالية
Icon