تفسير سورة الرحمن
﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ البسملة تقدم الكلام عليها، ﴿الرحمن علم القرءان خلق الإنسان علمه البيان﴾ ﴿الرحمن ﴾ مبتدأ، وجملة ﴿علم القرءان ﴾ خبر، ﴿خلق الإنسان ﴾ خبر ثان، ﴿علمه البيان ﴾ خبر ثالث، والمعنى أن هذا الرب العظيم، الذي سمى نفسه بالرحمن تفضل على عباده بهذه النعم، والرحمن هو ذو الرحمة الواسعة التي وسعت كل شيء، كما قال تعالى: ﴿ورحمتي وسعت كل شيء﴾. وابتدأ هذه السورة بالرحمن عنواناً على أن ما بعده كله من رحمة الله تعالى، ومن نعمه ﴿علم القرءان ﴾ أي: علمه من شاء من عباده، فعلمه جبريل عليه السلام أولاً، ثم نزل به جبريل على قلب النبي ﷺ ثانياً، ثم بلغه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثالثاً إلى جميع الناس، والقرآن هو هذا الكتاب العزيز الذي أنزله الله تعالى باللغة العربية، كما قال الله تعالى: ﴿إنا جعلناه قرءاناً عربياً لعلكم تعقلون ﴾ وقال تعالى: ﴿نزل به الروح الأَمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين﴾ وتعليم القرآن يشمل تعليم لفظه، وتعليم معناه، وتعليم كيف العمل به، فهو يشمل ثلاثة أشياء، ﴿خلق الإنسان ﴾ المراد الجنس، فيشمل آدم وذريته، أي: أوجده من العدم، فالإنسان كان معدوماً قبل وجوده، وقبل خلقه، قال الله - عز وجل -: ﴿هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً﴾ يعني أتى عليه حين من الدهر قبل أن يوجد، وليس شيئاً مذكوراً ولا يعلم عنه، وبدأ الله تعالى بتعليم القرآن قبل خلق الإنسان إشارة إلى أن نعمة الله علينا بتعليم القرآن أشد وأبلغ من نعمته بخلق الإنسان وإلا فمن المعلوم أن خلق الإنسان سابق على تعليم القرآن، لكن لما كان تعليم القرآن أعظم منة من الله - عز وجل - على العبد قدمه على خلقه ﴿علمه﴾ أي: علم الإنسان ﴿البيان ﴾، أي: ما يبين به عما في قلبه، وأيضاً ما يستبين به عند المخاطبة، فهنا بيانان: البيان الأول من المتكلم، والبيان


الصفحة التالية
Icon