تفسير سورة الواقعة
﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾، البسملة تقدم الكلام عليها ﴿إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة إذا رجت الأَرض رجاً﴾ حذف الله جواب الشرط في هذه الآيات من أجل أن يذهب الذهن في تقديره كل مذهب، يعني إذا وقعت الواقعة صارت الأهوال العظيمة، وصار انقسام الناس، وحصل ما حصل مما أخبر به الله ورسوله مما يكون في يوم القيامة، وقوله: ﴿إذا وقعت الواقعة ﴾ كقوله: ﴿الحاقة ما الحآقة﴾ والمراد بذلك يوم القيامة ﴿ليس لوقعتها كاذبة ﴾ أي: ليست لوقعتها كذب، بل وقعتها حق ولابد، والإيمان بيوم القيامة أحد أركان الإيمان الستة التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم جبريل عليه السلام حين سأله عن الإيمان قال: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره» () وكثيراً ما يقرن الله الإيمان به بالإيمان باليوم الآخر، لأن الإيمان باليوم الآخر يحدو بالإنسان أن يعمل العمل الصالح، وأن يبتعد عن العمل السيء لأنه يؤمن أن هناك يوماً آخر يجازى فيه الإنسان المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ﴿خافضة رافعة ﴾ يعني هي خافضة رافعة، أي: يخفض فيها الناس ويرفع فيها آخرون. ولكن من الذي يرفع؟ قال الله - عز وجل -: ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾ فأهل العلم والإيمان هم الذين لهم الرفعة في الدنيا والآخرة، ومن سواهم فإنهم موضوعون بحسب بعدهم عن الإيمان والعلم، وتخفض أهل الجهل والعصيان، وكم من إنسان في الدنيا رفيع الجاه، معظم عند الناس يكون يوم القيامة من أحقر عباد الله، والجبارون المتكبرون يحشرون يوم القيامة كأمثال الذر يطؤهم الناس بأقدامهم ()، مع أنهم في الدنيا متبخترون مستكبرون عالون على عباد الله، لكنهم يوم القيامة موضوعون مهينون قد أخزاهم الله - عز وجل - ﴿إذا رجت الأَرض رجاً ﴾ يعني زلزلت زلزلة عظيمة، ولهذا قال: ﴿رجاً ﴾ أي: رجًّا عظيماً، وأنت تصور أنك


الصفحة التالية
Icon