صفحة رقم ٢٠٤
سورة النساء
مقصودها الاجتماع على التوحيد الذي هدت إليه آل عمران، والكتاب الذي حدت عليه البقرة لأجل الدين الذي جمعته الفاتحة تحذيرا مما أراده شأس بن قيس وأنظاره من الفرقة، وذه السورة من أواخر ما نزل، روى البخاري في فضائل القرآ، " عن يوسف بن ماهك أن عراقيا سأل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن تريه مصحفها، فقالت : لم ؟ قال لعلي : أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت : وما يضرك أيه قرأت قبل، إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل احلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر، لقالوا : لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل لا تزنوا لقالوا : لا تدع الزنى أبدا، لقد نزل بمكة على محمد وإني لجارية ألعب ) بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر ) [ القمر : ٤٦ ] وما نزلت سورة البقرة والنساء إلأا وأنا عنده، قال : فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السورة انتهي. وقد عنت بهذا رضي الله عنعا أن القرآن حاز أعلى البلاغة في إنزاله مطابقا لما تقتضيه الأحوال بحسب الأزمان، ثم رتب على أعلى وجوه البلاغة بحسب ما تقتضيه المفاهيم من المقال، كما تشاهده من هذا الكتاب البديع البعيد المنال
النساء :( ١ - ٢ ) يا أيها الناس.....
) يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً ( ( )
ولما كان مقصودها الاجتماع على ما دعت إليه السورتان قبلها من التوحيد، وكان السبب الأعظم في الاجتماع والتواصل عادةً الأرحام العاطفة التي مدارها النساء سميت ( النساء ) لذلك، ولأن بالاتقاء فيهم تتحقق العفة والعدل الذي لبابه التوحيد ) بسم الله (