صفحة رقم ٥٤٧
ولما لم يكن بين الكتابة والشهادة ملازمة نص عليها وبين أهلها فقال :( واستشهدوا ) أي اطلبوا الشهادة وأوجدوها مع الكتابة ودونها ) شهيدين ( قال الحرالي فجعل شهادة الدين باثنين كما جعل الشاهد في الدين اثنين : شاهد التفكر في الآيات المرئية وشاهد التدبر للآيات المسموعة، وفي صيغة فعيل مبالغة في المعنى في تحقق الوصف بالاستبصار والخبرة - انتهى.
ولما بيّن عدد الشاهد بيّن نوعه فقال :( من رجالكم ( وأعلم بالإضافة اشتراط كونه مسلماً وإطلاق هذا الذي ينصرف إلى الكامل مع ما يؤيده في الآية يفهم الحريّة كقوله ) ولا يأب الشهداء ( والإتيان بصيغة المبالغة في الشاهد وتقييده مع ذلك بالرضى وتعريف الشهداء ونحوه.
قال الحرالي : ولكثرة المداينة وعمومها وسع فيها الشهادة فقال :( فإن لم يكونا ) أي الشاهدان ) رجلين ) أي على صفة الرجولية كلاهما ) فرجل وامرأتان ( وفي عموم معنى الكون إشعار بتطرق شهادة المرأتين مع إمكان طلب الرجل بوجه ما من حيث لم يكن، فإن لم تجدوا ففيه تهدف للخلاف بوجه ما من حيث إن شمول الكتاب توسعة في العلم سواء كان على تساو أو على ترتب ؛ ولما كنّ ناقصات عقل ودين جعل ثنتان منهن مكان رجل - انتهى.
ولما بيّن العدد بيّن الوصف فقال :( ممن ترضون ) أي في العدالة ) من الشهداء ( هذا في الديون ونحوها.
قال الحرالي : وفي مفهوم الشهادة استبصار نظر الشاهد لما في الشهود من إدراك معنى خفي في صورة ظاه ريهدي إليها النظر النافذ - انتهى.
ولما شرط في القيام مقام الواحد من الرجال العدد من النساء علله بما يشير إلى نقص الضبط فيهن فقال :( أن تضل إحداهما ) أي تغيب عنها الشهادة فتنساها أو شيئاً منها ) فتذكر إحداهما الأخرى ( فتهتدي إلى ما ضلت عنه بواسطة الذاكرة.
قال الحرالي : بما هي أعرف بمداخل الضلال عليها، لأن المتقاربين أقرب في التعاون، وفي قراءتي التخفيف والتثقيل إشعار بتصنيف النساء صنفين في رتبة هذه الشهادة من يلحقها الضلال عن بعض ما شهدت فيه حتى تذكر بالتخفيف ولا يتكرر عليها ذلك ومن شأنها أن يتكرر عليها ذلك، وفي إبهامه بلفظ إحدى أي من غير اقتصار على الضمير الذي يعين ما يرجع إليه إشعار أن ذلك يقع بينهما متناوباً حتى ربما ضلت هذه عن وجه وضلت تلك عن وجه آخر فأذكرت كل واحدة منهما صاحبتها فلذلك يقوم بهما معاً شاهد واحد حافظ - انتهى.
وفي ذكر الإذكار منع من الشهادة بدون الذكر، والآية من الاحتباك.
ولما أفهم ذلك الحث على الشهادة صرح به في قوله :( ولا يأب الشهداء ) أي تحمل الشهادة وأدائها بعد التحمل ) إذا ما دعوا ( دعاء جازماً بما أفهمته زيادة ما.
ولما تمّ ذلك وكان صغير الحق وكبيره ربما تُركت تهاوناً بالصغير ومللاً