صفحة رقم ٥٠٤
سورة الزلزلة
مقصودها انكشاف الأمور، وظهور المقدور أتم ظهور، وانقسام الناس في الجزاء في دار البقاء إلى سعادة وشقاء، وعلى ذلك دل اسمها بتامل الظرف ومظروفه، وما أفاد من بديع القدر وصروفه ) بسم الله ( المحيط بكل شيء قدؤرة وعلما ) الرحمن ( الذي عم الخلق بنعمته الظاهرة قسما ) الرحيم ( الذي أتم النعمة على خواصه حقيقة واسما، عينا ورسما.
الزلزلة :( ١ - ٨ ) إذا زلزلت الأرض.....
) إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ( ( )
لما ختم تلك بجزاء الصالح والطالح في دار البقاء على ما أسلفوه في مواطن الفناء، ذكر في هذه الأول مبادئ تلك الدار وأوائل غاياتها، وذكر في القارعة ثواني مبادئها وآخر غاياتها، وأبلغ في التحذير بالإخبار بإظهار ما يكون عليه الجزاء، فقال معبراً بأداة التحقق لأن الأمر حتم لا بد من كونه :( إذا (.
ولما كان المخوف الزلزلة ولو لم يعلم فاعلها، وكان البناء للمفعول يدل على سهولة الفعل ويسره جداً، بنى للمفعول قوله :( زلزلت الأرض ) أي حركت واضطربت زلزلة البعث بعد النفخة الثانية بحيث يعمها ذلك لا كما كان يتفق قبل ذلك من زلزلة بعضها دون بعض وعلى وجه دون ذلك، وعظم هذا الزلزال وهوّله بإبهامه لتذهب النفس فيه كفل مذهب، فقال كاسراً الزاء لأنه مصدر، ولو فتحها لكان اسماً للحركة، قال البيضاوي : وليس إلا في المضاعف.
) زلزالها ) أي تحرها واضطرابها الذي يحق لها في مناسبته لعظمة جرم الأرض وعظمة ذلك اليوم، ولو شرح بما يليق به لطال