صفحة رقم ٥٣٣
سورة قريش
مقصودها الدلالة على ضد ما دلت عليه الفيل بأن إهلاك الجاحدين المعاندين لإصلاح المقربين العابدين، وهو بشارة عظيمة لقريش خاصة بإظهار شرفهم في الدارين، واسمها قريش ظاهر الدلالة على ذلك، والتعبير بقريش دون قومك أو الحمس مثلا ونحوه دال على أنهم يغلبون الناس أجمع بقوة كما يدل عليه الاسم، وبغير قوة كما دل عليه ما فعل لأجلهم من قصة الفيل :( بسم الله ( ذي السبحات والحمد فله جميع الكمال ) الرحمن ( ذي النعم العامة بالإيجاد والبيان فهو ذو الأفضال ) الرحيم ( ذي الانتقام بالإبعاد والاختصاص بمن يشاء بالإسعاد بالتقريب والإجلال.
قريش :( ١ - ٤ ) لإيلاف قريش
) لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَآءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ( ( )
لما كان ما فعله سبحانه - من منع هذا الجيش العظيم - الي من قوته طاعة أكبر ما خلق الله من الحيوان البري فيما نعلمه له - من دخول الحرم الذي هو مظهر قدرته ومحل عظمته الباهرة وعزته والمذكر بخليله عليه الصلاة والسلام وما كان من الوفاء بعظيم خلته - كرامة لقريش عظيمة ظاهره عاجلة حماية لهم عن أن تستباح ديارهم وتسبى ذراريهم لكونهم أولاد خليله وخدام بيته وقطان حرمه ومتعززين به ومنقطعين إليه، وعن أن يخرب موطن عزهم ومحل أمنهم وعيشهم وحرزقهم، ذكرهم سبحانه وتعالى ما فيه من النعمة الآجلة إكراماً ثانياً بالنظر في العاقبة، فقال مشيراً إلى أن من تعاظم عليه قصمه، ومن ذلك له وخدمه أكرمه وعظمه :( لإيلاف قريش ) أي لهذا الأمر لا غيره فعلنا ذلك وهو إيقاعهم الإيلاف وهو ألفهم الذي ينشأ عنه طمأنينتهم وهيبة الناس لهم، وذلك ملزوم لألفهم أولاً في أنفسهم، فإذا كان لهم الألف بحرمه بما حصل لهم من العز والمكنة به بما دافع عنهم فيه مع ما له من بعد الآفات عنه، وكان لهم الألف بينهم، فكان بعضهم يألف بعضاً، قوي أمرهم فألفوا غيرهم أي جعلوه يألف ما ألفوه


الصفحة التالية
Icon