أسلوب الالتفات في القرآن الكريم
وجهود أشهر اللغويين والنحاة في دراسته
د. عدنان عبد الكريم خليفات
مقدمة:
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشداً، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين سيدنا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد جعل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم معجزة رسوله الكبرى، والحجة الدائمة على الخلق،
أعجز بفصاحته البلغاء، وأبكمت بلاغته عدنان وقحطان، كتابٌ لا تفنى عجائبه، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا يشبعُ منه العلماء، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم، انبهر به الناس عربا وعجما، وأقبلوا على دراسته آناء الليل وأطراف النهار، فألفت في علومه المختلفة المؤلفات، فألف العلماء في إعجازه، وأمثاله، وتفسيره، وتشبيهاته، وناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وكل ذلك دليلٌ على إعجازه.
وكان الالتفات من المواضيع التي تناولها علماء اللغة في كتبهم، وأولوه مزيد اهتمام لما له من أهمية في البلاغة العربية عموما والبلاغة القرآنية خصوصا.
وقد ألقيت الضوء في هذا البحث على دراسات طائفةٍ من علماء اللغة والنحو للالتفات في القرآن الكريم؛ وقد قسمت البحث إلى مبحثين: الأول في تعريف الالتفات وبيان أقسامه، والثاني في جهود أشهر اللغويين والنحاة في دراسة الالتفات في القرآن الكريم.
المبحث الأول: تعريف الالتفات وبيان أقسامه
المطلب الأول: الالتفات في اللغة
الالتفات مأخوذ من الفعل " لفت" وهو يدلُ على اللي وصرف الشيء عن جهته المستقيمة، ومنه لفتُّ الشيء لويته؛ ولفتُّ فلانا عن رأيه صرفته، ولفتَ وجهه عن القوم صرفه، والتفت التفاتا والتلفت أكثر منه، وتلفّت إلى الشيء والتفت إليه: صرف وجهه إليه، والتفت عنه أعرض(ابن منظور: مادة لفت).