ولقد سار على نهج رسول الله - ﷺ - في تبليغ الرسالة وأداء الأمانة كثير من الدعاة على مر العصور وكر الدهور، ومكن الله لهم بين الناس حتى أدوا واجبهم في الدعوة إلى الله ومن أمثال ذلك: الإمام أحمد بن حنبل، وابن تيمية، والعز بن عبد السلام، ومحمد بن عبد الوهاب في الجزيرة، ومحمد بن على السنوسى في ليبيا، وسعيد النورسى في العصر الحديث في تركيا، وعبد الحميد بن باديس في الجزائر، وحسن البنا في مصر، وغيرهم كثير، ومنهم من استشهد في سبيل دعوته إلا أنها انتشرت بعد مماته انتشار الضياء في الظلام، ولقد لاحظت في سيرة هؤلاء الأعلام في القديم والحديث حماية الله لهم ورعايته وحفظه وتثبيته لهم في المحن والشدائد، وتهيئة الله قلوب الناس لاستماع دعوتهم ونصحهم، وكانوا رحمهم الله رجالاً للعقيدة عاشوا من أجل هذا الدين وماتوا في سبيله.
الفصل الثاني : هلاك الكفار ونجاة المؤمنين أو نصرهم في المعارك
إن قصة نوح وموسى عليهما السلام نموذج رفيع للتدليل على أن من أنواع التمكين هلاك الكفار ونجاة المؤمنين، وقصة نوح مع قومه منهج عظيم للدعاة إلى الله، وقصته مليئة بالدروس والعبر، ومما يكسبها أهمية خاصة ما تميزت به، ومن ذلك:
١- أن نوحًا عليه السلام أول رسول إلى البشر، وكل أول له خصوصيته وميزته.
٢- امتداد الزمن الذي قضاه في دعوة قومه (٩٥٠ سنة).
٣- كونه من أولى العزم الذين ذكروا في القرآن.
٤- ورد اسمه كثيرًا في القرآن الكريم حيث بلغ (٤٣) مرة في (٢٩) سورة من سور القرآن، أي في ربع سور القرآن تقريبًا، مع ورود سورة باسمه في القرآن.


الصفحة التالية
Icon