متن، ص : ١١٣

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ومن السورة التي يذكر فيها البقرة
... ولكنهم لما لم يعلموا هذه الآلات فى مذاهب الاستدلال بها، كانوا كمن فقد أعيانها، ورمى بالآفات فيها. وكذلك قوله تعالى : وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ «١» لأن الطبع من الطابع، والختم من الخاتم، وهما بمعنى واحد. وإنما فعل سبحانه ذلك بهم عقوبة لهم على كفرهم.
[سورة البقرة (٢) : آية ٧]
خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٧)
وقوله سبحانه : وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ [٧] «٢» استعارة أخرى. لأنهم كانوا على الحقيقة ينظرون إلى الأشخاص، ويقلّبون الأبصار، إلّا أنهم لما لم ينتفعوا بالنظر، ولم يعتبروا بالعبر وصف سبحانه أبصارهم بالغشي، وأجراهم مجرى الخوابط الغواشي. أو يكون تعالى كنى هاهنا بالأبصار عن البصائر، إذ كانوا غير منتفعين بها، ولا مهتدين بأدلتها. لأن الإنسان يهدى ببصيرته إلى طرق نجاته، كما يهدى ببصره إلى مواقع خطواته.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٠]
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (١٠)
وقوله تعالى. فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً [١٠] والمرض فى الأجسام حقيقة وفى القلوب استعارة، لأنه فساد فى القلوب كما أنه فساد فى الحقيقة، وإن اختلفت جهة الفساد فى الموضعين.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٥]
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥)
وقوله سبحانه : اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ [١٥] وهاتان استعارتان. فالأولى منهما إطلاق صفة الاستهزاء سبحانه، والمراد بها أنه تعالى يجازيهم على استهزائهم بإرصاد العقوبة لهم، فسمى الجزاء على الاستهزاء باسمه، إذ كان واقعا فى مقابلته، والوصف بحقيقة الاستهزاء غير جائز عليه تعالى،
(١) سورة التوبة الآية رقم ٨٧، وفى سورة «المنافقون» (فطبع على قلوبهم) بالفاء لا بالواو الآية رقم ٣.
(٢) ملحوظة. يشير الرقم بين حاصرتين بعد الآية هكذا [] إلى عددها من السورة.


الصفحة التالية
Icon