متن، ص : ١٣٦
ومن السورة التي يذكر فيها الأنعام
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٤٥ الى ٤٦]
فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٥) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (٤٦)
قوله تعالى «١» : فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [٤٥] وهذه استعارة. لأن الأصل فى هذه اللفظة : دابرة الفرس، وجمعها دوابر، وهى ما يلى حافره من خلفه. ودابرة الطائر : هى الشاخصة التي خلف رجله، وتدعى الصّيصيّة «٢» أيضا.
فالمراد بقوله سبحانه : فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا [٤٥] واللّه أعلم : أي قطعت عنهم الأمداد اللاحقة بهم من خلفهم، والتالون لهم فى غيهم وضلالهم. أو قطع خلفهم.
من نسلهم، فلم تثبت لهم ذرية، ولم يبق لهم بقية.
وقوله سبحانه : قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ [٤٦] وهذه استعارة. والمراد بالأخذ هاهنا إبطال حواسهم. وإذا بطلت فكأنها قد أخذت منهم، وغيّبت عنهم.
[سورة الأنعام (٦) : آية ٥٩]
وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٥٩)
وقوله تعالى : وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ [٥٩] وهذه استعارة. والمراد : وعنده الوصلة إلى علم الغيب، فإذا شاء فتحه لأنبيائه وملائكته «٣»، وإن شاء أغلق عنهم علمه. ومنعهم فهمه. وعبر تعالى عن ذلك بالمفاتح، وهى أحسن عبارة، وأوقع استعارة. لأن كل ما يتوصل به إلى فتح المبهم، وبيان المستعجم سمّى بذلك. ألا ترى إلى قول الرجل لصاحبه إذا أشكل عليه أمر أو اختلّ له حفظ : افتح علىّ. أي :
بيّن لى وفهّمنى ما عزب عنى.

(١) هنا ورقة ضائعة من الأصل من أول سورة الأنعام إلى الآية رقم ٤٥.
(٢) الصيصية والصيصة : شوكة الحائك، وشوكة الديك أو الطائر. والجمع صياص.
(٣) فى الأصل «و مليكته» وهى طريقة الناسخ فى الإملاء.


الصفحة التالية
Icon