متن، ص : ١٤٢
ومن السورة التي يذكر فيها «الأعراف»
[سورة الأعراف (٧) : آية ٩]
وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ (٩)
قوله : وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ [٧]. فهذه استعارة. لأن الخسران فى التعارف إنما هو النقص فى أثمان المبيعات. وذلك يخص الأموال لا النفوس. إلا أنه سبحانه لما جاء بذكر الموازين وثقلها وخفتها جاء بذكر الخسران بعدها، ليكون الكلام متفقا، وقصص الحال متطابقا.
فكأنه سبحانه جعل نفوسهم لهم بمنزلة العروض المملوكة، إذ كانوا يوصفون بأنهم يملكون نفوسهم، كما يوصفون بأنهم يملكون أموالهم.
وذكر خسرانهم لها لأنهم عرّضوها للخسار، وأوجبوا لها عذاب النار. فصارت فى حكم العروض المتلفات، وتجاوزوا حد الخسران فى الأثمان، إلى حد الخسران فى الأعيان.
[سورة الأعراف (٧) : آية ١٦]
قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦)
وقوله سبحانه حاكيا عن إبليس : قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [١٦] وهذه استعارة. والصراط هاهنا كناية عن الدين، جعله اللّه سبحانه طريقا للنجاة والمفاز «١»، فى دارى القرار والمجاز، وإنما قال صراطك. لما كان الدين كالطريق المؤدية إلى رضا اللّه سبحانه ومثوبته «٢». الموصلة إلى نعيمه وجنته. فكان إبليس - لعنه اللّه - إنما يوعد بالقعود على طريق الدين ليضل عنه كل قاصد، ويردّ عنه كل

(١) فى الأصل «و المفار» بالراء المهملة. وهو تحريف من الناسخ.
(٢) فى الأصل «و مصوبته» ولا معنى لها هنا لأن المصوبة معناها المصيبة وضعف العقل وليس هذا جزاء رضا اللّه سبحانه وتعالى.


الصفحة التالية
Icon