متن، ص : ١٤٧
ومن السورة التي يذكر فيها التوبة
«١» على الحقيقة هى التقارب بالحدود مثل المسامتة، وهى المماثلة فى السمت الذي هو الجهة، وذلك من صفات الأجسام، وذوات الحدود والأقطار. فالمراد إذن بالمحادّة هاهنا كون الإنسان فى غير الحد الذي فيه أولياء اللّه سبحانه. فكأنهم فى حد، وأولياء اللّه سبحانه فى حد. وكذلك الكلام فى مشاقّة اللّه تعالى على أحد التأويلين، وهو أن يكون الإنسان فى شق أعداء اللّه وحربه، لا فى شق أوليائه وحزبه.
وحقيقة الكلام أن يكون المراد به محادّة أولياء اللّه على الصفة التي ذكرناها فقال تعالى :
يُحادِدِ اللَّهَ كما قال : إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ «٢» أي يؤذون أولياء اللّه ورسوله، لأن الأذى لا يجوز على من لا تلحقه المنافع والمضار، والمساءات والمسارّ.
[سورة التوبة (٩) : آية ٦٤]
يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ (٦٤)
وقوله سبحانه : يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ [٦٤] وهذه استعارة. لأن السورة نطقها من جهة البرهان لا من جهة اللسان.
فكأنه سبحانه أراد أنّ الناس يعلمون بهذه السورة النازلة فى المنافقين بواطن نفوسهم، وعقائد قلوبهم.

(١) هنا بداية القسم الموجود من سورة التوبة، أما ما قبل ذلك فمفقود مع آخر قسم من سورة الأعراف.
(٢) سورة الأحزاب، الآية رقم ٥٧.


الصفحة التالية
Icon