متن، ص : ١٥٣
ومن السورة التي يذكر فيها «يونس» عليه السلام
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٢ الى ٣]
أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (٢) إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣)
قوله سبحانه وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ [٢] وهذه استعارة. لأن المراد بالقدم هاهنا : السابقة فى الإيمان، والتقدم فى الإخلاص.
والعبارة عن ذلك بلفظ القدم غاية فى البلاغة، لأن بالقدم يكون السبق والتقدم.
فسمّيت قدما لذلك. وإن كان التأخر أيضا يكون بها «١»، كما يكون التقدم بخطوها، فإنما سميت بأشرف حالاتها وأنبه متصرفاتها. وقال بعضهم : إيمانهم فى الدنيا هو قدمهم فى الآخرة. لأن معنى القدم فى العربية : الشيء تقدمه أمامك ليكون عدّة لك، حتى تقدم عليه.
وقال بعضهم : ذكر القدم هاهنا على طريق التمثيل والتشبيه، كما تقول العرب :
قد وضع فلان رجله فى الباطل، وتخطى «٢» إلى غير الواجب. ومعناه أنه انتقل إلى فعل ذلك، كما ينتقل الماشي، وإن لم يحرك قدمه، ولم ينقل خطاه.
وقوله سبحانه : ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ [٣] وهذه استعارة. لأن حقيقة الاستواء إنما يوصف بها الأجسام التي تعلو البساط وتميل وتعتدل. والمراد بالاستواء هاهنا :
(٢) فى الأصل هكذا «و تحطا» بدون إعجام وبرسم الفعل بألف بدل الياء.