متن، ص : ١٨٠
ومن السورة التي يذكر فيها «إبراهيم عليه السلام»
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٥]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٥)
قوله سبحانه : وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ [٥] وهذه استعارة. والمراد بها - واللّه أعلم - التذكير بأيام نقم اللّه التي أوقعها بالماضين، كعاد وثمود ومن جرى مجراهم : وهذا كقولنا : أيام العرب. وإنما تريد به الأيام التي كانت فيها الوقائع المشهورة والملاحم العظيمة. وقد يجوز أن يكون الأيام هاهنا عبارة عن أيام النعم، كما قلنا إنها عبارة عن أيام النقم. فيكون المعنى : فذكّرهم بالأيام التي أنعم اللّه فيها عليهم وعلى الماضين من آبائهم بوقم «١» الأعداء، وكشف اللأواء، وإسباغ النعماء. ألا ترى أن أيام العرب التي هى عبارة عن الوقائع يكون فيها لبعضهم الظهور على بعض، فذلك من النعم، وعلى بعضهم السّوء والدائرة، وتلك من النقم ؟ فالأيام إذن تذكرة لمن أراد التذكرة بالإنعام والانتقام.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٩]
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩)
وقوله سبحانه : جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ [٩] وهذه استعارة، على وجه واحد من وجوه التأويلات التي حملت عليها هذه الآية. وذلك أن يكون المعنى ما ذهب إليه بعضهم من أن الأيدى هاهنا عبارة عن حجج الرسل عليهم السلام، والبينات التي جاءوا بها قومهم، وأكّدوا بها شرعهم. لأن بذلك يتم لهم السلطان عليهم والتدبير لهم، وقد سمّوا السلطان يدا فى كثير من المواضع، فقالوا : ما لفلان على فلان يد، أي سلطان. ويقولون : قد زالت يد فلان الأمير. إذا عزل عن ولايته،

(١) وقم العدو : قهره وأذله، ووقم الرجل : رده عن حاجته أقبح رد.


الصفحة التالية
Icon