متن، ص : ٢٠٦
ومن السورة التي يذكر فيها «الكهف»
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١ الى ٢]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (٢)قوله سبحانه : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً، قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ [١] وهذه استعارة. لأن حقيقة العوج أن يكون فيما يصح عليه أن ينصاب أو يميل ويضطرب ويستقيم. وهذه من صفات الأجسام، لا من صفات الكلام.
فنقول : إنما وصف القرآن - واللّه أعلم - بأنه قيّم لا عوج فيه، ذهابا إلى نفى الاختلاف عن معانيه، والتناقض فى أوضاعه ومبانيه. وأنه غير ناكب عن المنهاج، ولا مستمر على الاعوجاج.
[سورة الكهف (١٨) : آية ٥]
ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً (٥)
وقوله سبحانه : كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً [٥] ووصف الكلمة هاهنا بالكبر استعارة. والمراد أن معناها فظيع، وفحواها عظيم. وتقدير الكلام : كبرت الكلمة كلمة.
وللنصب هاهنا وجهان : أحدهما أن يكون على تفسير المضمر. مثل قولهم : نعم رجلا زيد، وبئس صاحبا عمرو. والوجه الآخر أن يكون على التمييز فى الفعل المنقول، نحو :
ساءت مرتفقا، وتصبّب عرقا.
[سورة الكهف (١٨) : آية ٨]
وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً (٨)
وقوله سبحانه : وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً [٨] وهذه استعارة.
لأن المراد بالجرز هاهنا الأرض التي لا نبات فيها، وذلك مأخوذ من قولهم :
ناقة جروز. إذا كانت كثيرة الأكل، لا يكاد لحياها يسكنان من قضم الأعلاف «١»،
(١) فى الأصل : الأحلاف. ولا معنى له هاهنا والأعلاف جمع علف، وهو ما تعلفه الدابة.