متن، ص : ٢٢٠
ومن السورة التي يذكر فيها «مريم عليها السلام»
[سورة مريم (١٩) : آية ٤]
قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (٤)
قوله سبحانه : قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً [٤] وهذه من الاستعارات العجيبة. والمراد بذلك : العبارة عن تكاثر الشّيب فى الرأس حتى يقهر بياضه، وينصل سواده.
وفى هذا الكلام دليل على سرعة تضاعف الشيب وتزيّده وتلاحق مدده، حتى يصير فى الإسراع والانتشار كاشتعال النار، يعجز مطفيه، ويغلب متلافيه.
[سورة مريم (١٩) : آية ٢٣]
فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (٢٣)
وقوله سبحانه : فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ [٢٣]. وهذه استعارة.
والمعنى : فجاء بها المخاض، أو ألجأها المخاض إلى جذع النخلة، لتجعله سنادا لها، أو عمادا لظهرها. وهى التي لجأت إلى النخلة، ولكنّ ضرب المخاض لما كان سببا لذلك، حسن أن ينسب الفعل إليه فى إلجائها، والمجيء بها
[سورة مريم (١٩) : آية ٥٠]
وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (٥٠)
وقوله سبحانه : وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا، وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا [٥٠] وهذه استعارة. والمراد بذكر اللسان هاهنا - واللّه أعلم - الثناء الجميل «١» الباقي فى أعقابهم، والخالف فى آبائهم «٢». والعرب تقول : جاءنى لسان فلان. يريد مدحه أو ذمه. ولما كان مصدر المدح والذم عن اللسان عبروا عنهما باسم اللسان.
وإنما قال سبحانه : لِسانَ صِدْقٍ. إضافة للسان إلى أفضل حالاته، وأشرف متصرفاته، لأن أفضل أحوال اللسان أن يخبر صدقا، أو يقول حقا.
(٢) أي الباقي فى آبائهم.