متن، ص : ٢٦٠
ومن السورة التي يذكر فيها «النمل»
[سورة النمل (٢٧) : آية ٧]
إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧)
قوله تعالى : إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً [٧] وهذه استعارة على القلب.
والمراد بها - واللّه أعلم - إنى رأيت نارا فآنستنى فنقل فعل الإيناس إلى نفسه على معنى :
إنى وجدت النار مؤنسة لى، كما سبق من قولنا فى تأويل قوله تعالى : وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا «١» أي وجدناه غافلا، على بعض الأقوال.
وقريب من ذلك قوله تعالى : وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا «٢» ولم تغرّهم هى، وإنما اغتروا بها هم، فلما كانت سببا للغرور حسن أن ينسب إليها ويناط بها.
وحقيقة الإيناس هى الإحساس بالشيء من جهة يؤنس بها، وما أنست به فقد أحسست به مع سكون نفسك إليه.
[سورة النمل (٢٧) : آية ٣٢]
قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢)
وقوله سبحانه حاكيا عن ملكة سبإ : ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ [٣٢] وهذه استعارة. والمراد بقطع الأمر - واللّه أعلم - الرجوع بعد إجالة الآراء، ومخض الأقوال إلى رأى واحد يصحّ العزم على فعله، والعمل عليه دون غيره، تشبيها بالإسداء والإلحام فى الثوب النسيج، ثم القطع له بعد الفراغ منه. فكأنها أجالت الرأى عند ورود ما ورد عليها من دعاء سليمان عليه السلام لها إلى الإيمان به، والاتباع له، فميلت «٣» بين الامتناع
(٢) سورة الأعراف. الآية رقم ٥١.
(٣) ميلت : أي شكت انظر القاموس المحيط. [.....]