متن، ص : ٢٧٣
ونحن على جوانبها قعود نغضّ الطّرف كالإبل القماح
وقال قوم : المقمح : الرافع رأسه متعمدا. فكأنّ هؤلاء المذمومين شبّهوا على المبالغة فى وصف تكارههم للإيمان، وتضايق صدورهم لسماع القرآن، بقوم عوقبوا فجذبت أذقانهم بالأغلال إلى صدورهم مضمومة إليها أيمانهم، ثم رفعت رءوسهم، ليكون ذلك أشدّ لإيلامهم، وأبلغ فى عذابهم.
وقيل : إن المقمح الغاضّ بصره بعد رفع رأسه، فكأنه جامع بين الصفتين جميعا.
وقيل إن قوله تعالى : فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ يعنى به أيمانهم المجموعة بالأغلال إلى أعناقهم، فاكتفى بذكر الأعناق من الأيمان لأن الأغلال تجمع بين الأيمان والأعناق.
وكذلك معنى السّدّ المجعول بين أيديهم ومن خلفهم، إنما هو تشبيه بمن قصر خطوه وأخذت عليه طرقه. ولما كان ما يصيبهم من هذه المشاق المذكورة والأحوال المذمومة إنما هو عقيب تلاوة القرآن عليهم، ونفث قوارعه فى أسماعهم، حسن أن يضيف سبحانه ذلك إلى نفسه، فيقول : إنا جعلناهم على تلك الصفات.
سورة يس
وقد قرىء سدّا بالفتح، وسدا بالضم. وقيل إن السدّ بالفتح ما يصنعه الناس، والسّدّ بالضم ما يصنعه اللّه تعالى.
وقال بعضهم : المراد بذكر السد هاهنا : الإخبار عن خذلان اللّه سبحانه إياهم، وتركه نصرهم ومعونتهم، كما تقول العرب فى صفة الضال المتحير : فلان لا ينفذ فى طريق يسلكه، ولا يعلم أمامه أم وراءه خير له. وعلى ذلك قول الشاعر :«١»

(١) لم أهتد إلى اسم الشاعر بعد طويل بحث ورجوع إلى كتب الشواهد والدواوين. والشكر أجزل الشكر لمن يهدينا إليه.


الصفحة التالية
Icon