متن، ص : ٣٠٣
ومن حم وهى السورة التي يذكر فيها «الدخان»
[سورة الدخان (٤٤) : آية ٤]
فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤)
قوله سبحانه : فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [٤] وهذه استعارة، وقد مضى الكلام على مثلها فى بنى إسرائيل. والمراد - واللّه أعلم - تبيين كل أمر حكيم فى هذه الليلة، حتى يصير كفرق الصبح فى بيانه، أو مفرق الطريق فى اتضاحه. ومنه قولهم : فرقت الشعر. إذا خلصت بعضه من بعض، وبيّنت مخطّ وسطه بالمدرى «١» أو بالأصبع.
[سورة الدخان (٤٤) : آية ١٩]
وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٩)
وقوله سبحانه : وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ [١٩] وهذه استعارة. والمراد بالعلوّ هاهنا : الاستكبار على اللّه سبحانه، وعلى أوليائه.
ويوصف المستكبر فى كلامهم بأن يقال : قد شمخ بأنفه. وهذه الصفة مثل وصفه بالعلو. لأن الشامخ : العالي.
وقال سبحانه : إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ «٢» أي تجبّر فيها، واستكبر على أهلها. وليس يراد بذلك العلوّ الذي هو الصعود. وإنما يراد به العلوّ الذي هو الاستكبار والعتوّ. وضدّ وصفهم المستكبر بالعلو والتطاول وصفهم المتواضع بالخشوع والتضاؤل.
[سورة الدخان (٤٤) : آية ٢٩]
فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩)
وقوله سبحانه : فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ [٢٩] وهذه استعارة. وقد قيل فى معناها أقوال : أحدها أن البكاء هاهنا بمعنى الحزن، فكأنه

(١) المدرى : المشط الذي يدرى به الرأس ويمشط.
(٢) سورة القصص. الآية رقم ٤.


الصفحة التالية
Icon