متن، ص : ٣١٥
ومن السورة التي يذكر فيها «الطّور»
[سورة الطور (٥٢) : آية ٣٢]
أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٣٢)
قوله تعالى : أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا، أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ [٣٢] وهذه استعارة. أي كانوا حكماء عقلاء كما يدّعون، فكيف تحملهم أحلامهم وعقولهم على أن يرموا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بالسّحر والجنون، وقد علموا بعده عنهما، ومباينته لهما ؟
وهذا القول منهم سفه «١» وكذب، وهاتان الصفتان منافيتان لأوصاف الحلماء، ومذاهب الحكماء.
ومخرج قوله سبحانه : أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا مخرج التبكيت لهم، والإزراء عليهم. ونظير هذا الكلام قوله سبحانه حاكيا عن قوم شعيب عليه السلام :
قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا «٢» أي دينك وما جئت به من شريعتك التي فيها الصلوات وغيرها من العبادات، تحملك على أمرنا بترك ما يعبد آباؤنا «٣». وقد مضى الكلام على ذلك فى موضعه.
[سورة الطور (٥٢) : آية ٤٩]
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ (٤٩)
وقوله سبحانه : وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ [٤٩] وقرئ :«٤» وَإِدْبارَ النُّجُومِ بكسر الهمزة. وهذه استعارة على القراءتين جميعا.

(١) فى الأصل «صفه» بالصاد. وهو تحريف بالغ.
(٢) سورة هود. الآية رقم ٨٧.
(٣) كرر الناسخ هذه العبارة من قوله : أي دينك إلى قوله ما يعبد آباؤنا. [.....]
(٤) قرأ السبعة : وإدبار بكسر الهمزة على أنها مصدر للفعل أدبر. وقرأ سالم بن أبى الجعد ويعقوب وسلام وأيوب : وأدبار بالفتح. انظر القرطبي ج ١٧ ص ٨٠.


الصفحة التالية
Icon