متن، ص : ٣١٨
ومن السورة التي يذكر فيها «انشقاق القمر»
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ١١ الى ١٢]
فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢)
قوله تعالى : فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ، وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ [١١، ١٢] وهذه استعارة. والمراد - واللّه أعلم - بتفتيح أبواب السماء تسهيل سبل الأمطار حتى لا يحبسها حابس، ولا يلفتها لافت. ومفهوم ذلك إزالة العوائق عن مجارى العيون من السماء، حتى تصير بمنزلة حبيس فتح عنه باب، أو معقول أطلق عنه عقال. وقوله تعالى : فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ أي اختلط ماء الأمطار المنهمرة، بماء العيون المتفجرة، فالتقى ماءاهما على ما قدره اللّه سبحانه، من غير زيادة ولا نقصان. وهذا من أفصح الكلام، وأوقع العبارات عن هذه الحال.
[سورة القمر (٥٤) : آية ٢٥]
أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥)
وقوله سبحانه : أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ [٢٥] ولفظ إلقاء الذّكر هاهنا مستعار : والمراد به أن القرآن لعظم شأنه، وصعوبة أدائه، كالعبء الثقيل الذي يشقّ على من حمّله، وألقى عليه ثقله.
وكذلك قال تعالى : إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا «١». وكذلك قول القائل :
(ألقيت على فلان سؤالا، وألقيت عليه حسابا) أي سألته عما يستكدّ له هاجسه، ويستعمل به خاطره.
[سورة القمر (٥٤) : آية ٤٦]
بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ (٤٦)
وقوله سبحانه : بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ، وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ [٤٦] وهذه استعارة. لأن المرارة لا يوصف بها إلا المذوقات والمتطعمات، ولكنّ الساعة لما كانت مكروهة عند مستحقّى العقاب، حسن وصفها بما يوصف به الشيء المكروه المذاق.
ومن عادة من يلاقى ما يكرهه، ويرى ما لا يحبّه، أن يحدث ذلك تهيّجا فى وجهه، يدل