متن، ص : ٣٢٨
ومن السورة التي يذكر فيها «المجادلة»
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٧]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧)
قوله سبحانه : ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ، وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ، وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا [٧] وظاهر هذا الكلام محمول على المجاز والاتساع، لأن المراد به إحاطته تعالى بعلم نجوى المتناجين، ومعاريض المتخافتين، فكأنه سبحانه يعلم جميع ذلك، سامع للحوار، وشاهد للسّرار.
ولو حمل هذا الكلام على ظاهره لتناقض. ألا ترى أنه تعالى لو كان رابعا لثلاثة فى مكان على معنى قول المخالفين، استحال أن يكون سادسا لخمسة فى غير ذلك المكان إلا بعد أن يفارق المكان الأول، ويصير إلى المكان الثاني، فينتقل كما تنتقل الأجسام، ويجوز عليه الزوال والمقام. وهذا واضح بحمد اللّه وتوفيقه.
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ١٢]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)
وقوله سبحانه : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً [١٢] وهذه استعارة. وقد مضت لها نظائر كثيرة.
والمراد بقوله تعالى : بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ أي أمام نجواكم، وذلك كقوله سبحانه :
وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ «١» أي مطرقة أمام الغيث الوارد، ومبشّرة بالخير الوافد.
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ١٦]
اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٦)
وقوله سبحانه : اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [١٦] وهذه استعارة. والكلام وارد فى شأن المنافقين.
والمراد أنهم جعلوا إظهار الإيمان الذين «٢» يبطنون ضدّه جنّة يعتصمون بها ويستلئمون «٣»
(٢) هكذا بالأصل. والصواب : الذي
(٣) بالأصل : يستلمون، وهو تحريف ويستلئم : أي يلبس الدرع