تلخيص البيان، متن، ص: ٣٣٦
ومن السورة التي يذكر فيها «التحريم»
[سورة التحريم (٦٦): آية ٤]
إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (٤)
قوله تعالى: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما [٤] وهذه استعارة.
ومعنى صغت قلوبكما: أي مالت وانحرفت.
قال النضر بن «١» شميل: يقال قد صغوت إليه وصغيت، وصغيت، وأصغيت إليه، وهو الكلام. ولم تمل قلوبهما على الحقيقة، وإنما اعتقد قلباهما خلاف الاستقامة فى طاعة النبي صلّى اللّه عليه وعلى آله وسلّم، فحسن أن يوصف بميل القلبين من هذا الوجه.
وذلك كقول القائل: قد مال إلى فلان قلبى. إذا أحبه. وقد نفر عن فلان قلبى.
إذا أبغضه. والقلب فى الأمرين جميعا بحاله، لم يخرج عن نياطه، ولم يزل عن مناطه.
وإنما قال سبحانه: قلوبكما، والخطاب مع امرأتين، لأن كل شيئين من شيئين تجوز العبارة عنهما بلفظ الجمع فى عادة العرب. قال الراجز «٢».
_________
(١) هو النضر بن شميل بن خرشة التميمي المازني وكان عالما بأيام العرب ورواية الحديث واللغة.
اتصل بالخليفة المأمون العباسي فأكرمه وقربه إليه. توفى بمرو سنة ٢٠٣ ه.
(٢) لم يذكر القرطبي اسم هذا الراجز. وقد نسبه محقق «الجامع لأحكام القرآن» للشاعر الخطام المجاشعي ونبه على ذلك فى هامش الجزء الخامس ص ٧٣. ولم يذكر ابن مطرف الكناني فى «القرطين» اسم الشاعر واكتفى بقوله: أنشدنى بعضهم، وكذلك فعل العلامة محب الدين فى «شرح شواهد الكشاف» ص ٣١٨.
والخطام اسمه بشر - كما كتب ذلك بخطه عبد القادر البغدادي، على هامش «المؤتلف والمختلف» للآمدى ص ١١٢ - وهو شاعر إسلامى اشتهر بالرجز.
والقذف (بفتحتين وبضمتين): البعيد من الأرض. والمرت (بفتح الميم وسكون الراء): الأرض لا ماء فيها ولا نبات. والظهر: ما ارتفع من الأرض.