تلخيص البيان، متن، ص: ٣٣٨
[سورة التحريم (٦٦): آية ١٠]
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠)
وقوله سبحانه: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ، كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما [١٠] وهذه استعارة. لأن وصف المرأة بأنها تحت الرجل ليس يراد به حقيقة الفوق والتّحت، وإنما المراد أنّ منزلة المرأة منخفضة عن منزلة الرجل، لقيامه عليها، وغلبته على أمرها. كما قال سبحانه: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ، وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ «١». وكما يقول القائل: فلان الجندىّ تحت يدى فلان الأمير. إذا كان من شحنة عمله، أو متصرفا على أمره. وكما يقول الآخر: لا آخذ رزقى من تحت يدى فلان. إذا كان هو الذي يلى إطلاق رزقه، وتوفية مستحقه. وذلك مشهور فى كلامهم.
ومن السورة التي يذكر فيها «الملك»
[سورة الملك (٦٧): آية ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ (١)قوله تعالى: تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [١] وهذه استعارة. وقد مضت لها نظائرها فيما تقدم. والمراد بذكر اليد هاهنا استيلاء الملك وتدبير الأمر. يقال: هذه الدار فى يد فلان أي فى ملكه. وهذا الأمر فى يد فلان أي هو المدبّر له.
فمعنى بِيَدِهِ الْمُلْكُ أي هو مالك الملك، ومدبّر الأمر.
[سورة الملك (٦٧): آية ٤]
ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (٤)
وقوله سبحانه: ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ [٤] وهذه من الاستعارات المشهورة. والمراد بها - واللّه أعلم - أي كرّر أيها الناظر
_________
(١) سورة النساء. الآية رقم ٣٤.