تلخيص البيان، متن، ص: ٣٤١
[سورة الملك (٦٧): آية ٢٢]
أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢)
وقوله سبحانه: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [٢٢] وهذه استعارة، والمراد بها صفة من يخبط فى الضلال، وينحرف عن طريق الرشاد. لأنهم يصفون من تلك حاله بأنه ماش على وجهه. فيقولون: فلان يمشى على وجهه، ويمضى على وجهه، إذا كان كذلك.
وإنما شبّهوه بالماشي على وجهه، لأنه لا ينتفع بمواقع بصره، إذ كان البصر فى الوجه.
وإذا كان الوجه مكبوبا على الأرض كان الإنسان كالأعمى الذي لا يسلك جددا، ولا يقصد سددا.
ومن الدليل على أن قوله تعالى: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ من الكنايات عن عمى البصر، قوله تعالى فى مقابلة ذلك: أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا لأن السّوىّ ضدّ المنقوص فى خلقه، والمبتلى فى بعض كرائم جسمه.
ومن السورة التي يذكر فيها «ن والقلم»
[سورة القلم (٦٨): آية ٤٢]
يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢)
قوله سبحانه: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [٤٢] وهذه استعارة. والمراد بها الكناية عن هول الأمر وشدته، وعظم الخطب وفظاعته. لأن من عادة الناس أن يشمّروا عن سوقهم عند الأمور الصّعبة، التي يحتاج فيها إلى المعاركة، ويفزع عندها إلى الدفاع والممانعة. فيكون تشمير الذيول عند ذلك أمكن للقراع، وأصدق للمصاع.
وقد جاء فى أشعارهم ذكر ذلك فى غير موضع. قال قيس «١» بن زهير بن جذيمة العبسي:
_________
(١) قيس بن زهير هو صاحب الفرسين: داحس والغبراء وبسببهما قامت الحرب بين عبس وذبيان ودامت أربعين سنة. وتجد أخباره فى «اللسان» و«أيام العرب» و«الشعر والشعراء» و«شعراء النصرانية» وغيرها.


الصفحة التالية
Icon