تلخيص البيان، متن، ص: ٣٤٣
وهذه استعارة. والمراد بالإزلاق هاهنا: إزلال القدم حتى لا يستقر على الأرض. وذلك خارج على طريقة للعرب معروفة. يقول القائل منهم: نظر إلىّ فلان نظرا يكاد يصرعنى به. وذلك لا يكون إلا نظر المقت والإبغاض، وعند النزاع والخصام. وقال الشاعر «١»:
يتقارضون إذا التقوا فى موقف نظرا يزيل مواقف الأقدام
وقد أنكر بعض العلماء أن يكون المراد بقوله تعالى: لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ الإصابة بالعين، لأن هذا من نظر السخط والعداوة، وذلك من نظر الاستحسان والمحبّة.
ومن السور التي يذكر فيها «الحاقة»
[سورة الحاقة (٦٩): آية ٦]
وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (٦)
قوله تعالى: وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ [٦] وهذه استعارة.
والمراد بالصّرصر: الباردة. وهو مأخوذ من الصّرّ، والعاتية: الشديدة الهبوب التي ترد بغير ترتيب، مشبّهة بالرجل العاتي، وهو المتمرد الذي لا يبالى على ما أقدم، ولا فيما ولج ووقع.
[سورة الحاقة (٦٩): الآيات ١٠ الى ١١]
فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً (١٠) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (١١)
وقوله سبحانه: فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً [١٠] وهذه استعارة. والمراد بالرابية هاهنا: العالية القاهرة. من قولهم: ربا الشي ء إذا زاد. والرّبا مأخوذ من هذا. فكأن تلك الأخذة كانت قاهرة لهم، وغالبة عليهم.
وقوله سبحانه: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ [١١] وهذه استعارة.
_________
(١) لم يذكر «لسان العرب» اسم الشاعر وفى شرح «شواهد الكشاف» لم ينسب لقائل أيضا. انظر اللسان مادة قرض. وقد استشهد الزمخشري بهذا البيت فى حديثه عن هذه الآيات بالذات، ولكنه روى «نظرا يزل» بدلا من «يزيل».