متن، ص : ٣٤٩
جرى المصدر عليه، فكأنه تعالى قال : واللّه أنبتكم من الأرض فنبتّم نباتا. لأن أنبت يدل على نبت من جهة أنه مضمن به.
[سورة نوح (٧١) : الآيات ١٩ الى ٢٠]
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً (١٩) لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً (٢٠)
وقوله سبحانه : وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً، لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً [١٩، ٢٠] وهذه استعارة. والمراد بالبساط هاهنا : المكان الواسع المستوي.
مشبّه بالبساط، وهو النمط الذي يمد على الاستواء فيجلس عليه.
وقال الأصمعى «١» : وبنو تميم خاصة يقولون بساط، بفتح الباء. وقال الشاعر :«٢»
ودون يد الحجّاج من أن ينالنى بساط لأيدى الناعجات «٣» عريض
وتصيير الأرض بساطا، كتصييرها فراشا ومهادا.
وهذه الألفاظ الثلاثة ترجع إلى معنى واحد :
ومن السورة التي يذكر فيها «الجن»
[سورة الجن (٧٢) : آية ١١]
وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً (١١)
قوله سبحانه : وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً [١١] وهذه استعارة. والمراد بذلك - واللّه أعلم - كنا ضروبا مختلفة، وأجناسا مفترقة.

(١) هو أبو سعيد عبد الملك بن قريب الراوية المشهور وأحد علماء اللغة الأثبات. ونسب إلى جده «أصمع» وكان يتلقى الأخبار مشافهة من البوادي ويتحف بها الخلفاء فيكافأ عليها بأجزل الهبات. قال فيه الأخفش : ما رأينا أحدا أعلم بالشعر من الأصمعى. وقد انفرد برواية قصائد جمعها المستشرق الألمانى وليم أهلورت. وتوفى بالبصرة سنة ٢١٦.
(٢) هو العديل بن الفرخ، ولقبه العباب : والعباب اسم كلب له فلقب باسم كلبه. وكان هجا الحجاج ابن يوسف فطلبه فهرب منه إلى قيصر ملك الروم، فقال أبياتا منها هذا البيت. وأخباره فى «الشعر والشعراء» ص ٣٧٥، و«الأغانى» ج ٢٠ و«الخزانة» ج ٢.
(٣) فى «الشعر والشعراء» «اليعملات» والناعجات هى النياق البيض. واليعملات : جمع يعملة وهى الناقة المطبوعة على العمل.


الصفحة التالية
Icon