متن، ص : ٣٥٦
وهذه استعارة على أكثر الأقوال. والمراد بها - واللّه أعلم - صفة الشّدّتين المجتمعتين على المرء من فراق الدنيا، ولقاء أسباب الآخرة. وقد ذكرنا فيما تقدم مذهب العرب فى العبارة عن الأمر الشديد، والخطب الفظيع، بذكر الكشف عن الساق، والقيام عن ساق. فلا فائدة فى تكرير ذلك وإعادته.
وقد يجوز أن يكون السّاق هاهنا جمع ساقة كما قالوا : حاجة وحاج. وغاية وغاى.
والساقة : هم الذين يكونون فى أعقاب الناس يحفّزونهم على السّير، وهذا فى صفة أحوال الآخرة وسوق الملائكة السابقين بالكثرة، حتى يلتفّ بعضهم ببعض من شديد الحفز، وعنيف السير والسّوق. ومما يقوّى ذلك قوله تعالى : إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ.
والوجه الأول أقرب، وهذا الوجه أغرب.
ومن السورة التي يذكر فيها «هل أتى على الإنسان»
[سورة الإنسان (٧٦) : آية ٧]
يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧)
قوله سبحانه : وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [٧] وهذه استعارة. وحقيقة الاستطارة من صفات ذوات الأجنحة. يقال : طار الطّائر، واستطرته أنا إذا بعثته على الطيران. ويقولون أيضا من ذلك على طريق المجاز : استطار لهيب النار. إذا انتشر وعلا، وظهر وفشا. فكأنه سبحانه قال : يخافون يوما كان شرّه فاشيا ظاهرا، وعاليا منتشرا.
[سورة الإنسان (٧٦) : آية ١٠]
إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (١٠)
وقوله سبحانه : إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً [١٠] وهذه استعارة.
لأن العبوس من صفة الإنسان القاطب المعبّس. فشبّه سبحانه ذلك اليوم - لقوّة دلائله