ماذا تصنعون وأي الطريقين تسلكون والاستفهام عن الصنف المستعجل به من العذاب دل على استفهام تمهيدي قبله عن حصول أصل الاستعجال وكلمة المجرمون دلت على استحالة هذا الشق من الترديد وكلمة ثم العاطفة دلت على المعطوف عليه المطوى بينها وبين الهمزة ولفظ الظرف الآن دل على عامله المقدر وقس على ذلك سائر المحذوفات حتى إن مدة الاستفهام الداخلة على هذا الظرف قد دلت على طول مدة التسويف الذي منع من قبول إيمانهم لأنهم عمروا ما يتذكر فيه من تذكر فمن ذا الذي يستطيع أن يجري في هذا المضمار شرفا أو شرفين ثم لا تضطرب أنفاسه ولا تكبو به ركائب البيان وافراسه اللهم إن من دون ذلك لشقة بعيدة وسفرا غير قاصد وإن في دون ذلك لحدَّاً للإعجاز.
[ القرآن في سورة سورة منه ]
( الكثرة والواحدة )
هذا الذي حدثناك عنه من عظمة الثروة المعنوية في أسلوب القرآن على وجازة لفظه يضاف إليه أمر آخر هو زينة تلك الثروة وجمالها ذلك هو تناسق أوضاعها وائتلاف عناصرها وأخذ بعضها بحجز بعض حتى إنها لتنتظم منها وحدة محكمة لا انفصام لها وأنت قد تعرف أن الكلام في الشأن الواحد إذا ساء نظمه انحلت وحدة معناه فتفرق من أجزائها ما كان مجتمعا وانفصل ما كان متصلا