والمشاهدة هذا من الناحية العامة وأما من الناحية الأخرى فإن هذه الأمثال البليغة التي ضربت في شأن المعرضين خاصة قد أبرزتهم أمام السامع في صورة محزنة تبعث في نفسه أقوى البواعث لنصحهم وتحذيرهم حتى أنه لا يشفي صدره إلا أن يناديهم أو يسمع من يناديهم أن افتحوا أعينكم أيها القوم وتعالوا إلى طريق النجاة وهكذا استعدت النفس أتم استعداد لسماع هذا النداء يأيها الناس اعبدوا ربكم الآيات إلى آخر.
[ المقصد الأول المقصد الأول من مقاصد السورة في خمس آيات ]
في هذه الآيات الخمس تسمع نداء قويا موجها إلى العالم كله بثلاثة مطالب أن لا تعبدوا إلا الله ولا تشركوا به شيئا أن آمنوا بكتابه الذي نزله على عبده أن اتقوا أليم عذابه وابتغوا جزيل ثوابه هذه المطالب الثلاثة هي الأركان الثلاثة للعقيدة الإسلامية تراها قد بسطت مرتبة على ترتيبها الطبيعي من المبدأ إلى الواسطة إلى الغاية وترى كل واحد من الركنين الأولين قد أقيم على أساس من البرهان العقلي القاطع لكل شبهة أما الركن الثالث فقد جيء به مجردا عن هذا النوع من البرهان ولكنه نفخ فيه من روح الإلهاب وتحريك الوجدان بالتحذير والتبشير ما يسد في موضعه مسد البرهان على أنك إذا أنعمت النظر في هذا الركن وجدته في غنى عن برهان جديد بعد تقرر سابقيه إذ هو منهما بمنزلة النتيجة المنطقية من مقدماتها أرأيت لو أن ملكا عظيم السلطان نافذ الحكم وجه إلي سفيرا يحمل