فصل


فهذان المتنازعان اللذان تنازعا في الأحرف التي أنزلها الله على آدم، فقال أحدهما : إنها قديمة وليس لها مبتدأ، وشكلها ونقطها محدث. وقال الآخر : إنها ليست بكلام الله، وأنها مخلوقة بشكلها ونقطها، وأن القديم هو الله، وكلامه منه بدأ وإليه يعود، منزل غير مخلوق، ولكنه كتب بها. وسؤالهما أن نبين لهما الصواب وأيهما أصح اعتقادًا، يقال لهما :
يحتاج بيان الصواب إلى بيان ما في السؤال من الكلام المجمل، / فإن كثيرًا من نزاع العقلاء لكونهم لا يتصورون مورد النزاع تصورًا بينا، وكثير من النزاع قد يكون الصواب فيه في قول آخر غير القولين اللذين قالاهما، وكثير من النزاع قد يكون مبنيًا على أصل ضعيف إذا بين فساده ارتفع النزاع.
فأول ما في هذا السؤال قولهما : الأحرف التي أنزلها الله على آدم، فإنه قد ذكر بعضهم أن الله أنزل عليه حروف المعجم مفرقة مكتوبة، وهذا ذكره ابن قتيبة في [ المعارف ]، وهو ومثله يوجد في التواريخ كتاريخ ابن جرير الطبري ونحوه، وهذا ونحوه منقول عمن ينقل الأحاديث الإسرائيلية ونحوها من أحاديث الأنبياء المتقدمين، مثل وهب بن مُنَبِّه وكعب الأحبار، ومالك بن دينار، ومحمد بن إسحاق وغيرهم.


الصفحة التالية
Icon