فصل


وهذه الألفاظ المحدثة المجملة النافية مثل لفظ [ المركب ] و [ المؤلف ] و [ المنقسم ] ونحو ذلك، قد صار كل من أراد نفي شيء مما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات عبر بها عن مقصوده، فيتوهم من لا يعرف مراده أن المراد تنزيه الرب الذي ورد به القرآن، وهو إثبات أحديته وصمديته، ويكون قد أدخل في تلك الألفاظ ما رآه هو منفيا/وعبر عنه بتلك العبارة وضعًا له واصطلاحا اصطلح عليه هو ومن وافقه على ذلك المذهب، وليس ذلك من لغة العرب التي نزل بها القرآن، ولا من لغة أحد من الأمم، ثم يجعل ذلك المعنى هو مسمى الأحد والصمد والواحد ـ ونحو ذلك من الأسماء الموجودة في الكتاب والسنة ـ ويجعل ما نفاه من المعاني التي أثبتها الله ورسوله من تمام التوحيد.
واسم [ التوحيد ] اسم معظم جاءت به الرسل ونزلت به الكتب، فإذا جعل تلك المعانى التي نفاها من التوحد، ظن من لم يعرف مخالفة مراده لمراد الرسول ﷺ أنه يقول بالتوحيد الذي جاءت به الرسل، ويسمى طائفته الموحدين، كما يفعل ذلك الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم على نفي شيء من الصفات، ويسمون ذلك توحيدًا، وطائفتهم الموحدين، ويسمون علمهم علم التوحيد، كما تسمى المعتزلة ـ ومن وافقهم ـ نفي القدر عدلاً، ويسمون أنفسهم العدلية، وأهل العدل. ومثل هذه البدع كثير جدًا يعبر بألفاظ الكتاب والسنة عن معان مخالفة لما أراده الله ورسوله بتلك الألفاظ، ولا يكون أصحاب تلك الأقوال تلقوها ابتداء عن الله ـ عز وجل ـ ورسوله صلى الله عليه وسلم، بل عن شبه حصلت لهم، وأئمة لهم، وجعلوا التعبير عنها بألفاظ الكتاب والسنة حجة لهم، وعمدة لهم؛ ليظهر بذلك أنهم متابعون للرسول ﷺ لا مخالفون له، وكثير منهم لا يعرفون أن/ ما ذكروه مخالف للرسول صلى الله عليه وسلم؛ بل يظن أن هذا المعنى الذي أراده هو المعنى الذي أراده الرسول ﷺ وأصحابه؛ فلهذا يحتاج المسلمون إلى شيئين :


الصفحة التالية
Icon