- -ayah text-primary">﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّه الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: ٣١].
وقد جاءت بهذا الشكل بنقص أحرف الكلمة لتوحي بالإسراع في التوبة... وأنه يجب على أي مؤمن أن يتوب عن أي خطأ يرتكبه بأقصى سرعة وألا يتوانى في ذلك.
- ﴿ وَقَالُوا يأَيُّه السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ ﴾ [الزخرف: ٤٩].
وقد جاءت بهذا الشكل لتوحي بالعجلة التي تطلبها فرعون وملئه من موسى عليه السلام لرفع العذاب عنهم...
كما أنه من الممكن بأن توحي أيضاً بأن فرعون وملئه يحاولون التقليل من شأن موسى عليه السلام.
- ﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّه الثَّقَلَانِ ﴾ [الرحمن: ٣١].
جاءت (أيه) بهذا الشكل ناقصة الألف لتوحي بالتهوين من أمر (الثقلين) وهما الإنس والجن لدى الله سبحانه وتعالى...
فمال هؤلاء القوم
حينما يريد الله سبحانه وتعالى للناس أن يتفكروا ويتفقهوا يأتي بسياق الآية الكريمة التي تمهل وفصل للكلمات والحروف وبتأن شديد يساعد على التدبر.... ونضرب لذلك مثالاً هذه الآية الكريمة:
قال تعالى: ﴿ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ [النساء: ٧٨].
جاء هناك فصل بين حرف (ل) وكلمة هؤلاء كما جاءت كلمة (لا يكادون) لتزيد من التمهل والتدبر والتفقه...
المراجع:
القرآن الكريم
١ - الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي ج٢ في تفسير الآية ١٨٥ من سورة البقرة.
٢ - الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي في تفسير الآيات الثلاث الأولى من سورة الزخرف.
٣ - كتاب مناهل العرفان للزرقاني.
٤- ((كتاب تأملات في إعجاز الرسم القرآني وإعجاز التلاوة والبيان )) للمهندس: محمد شملول.
=============
دخول ﴿ لا ﴾ النافية على فعل القسم
قال الله جل وعلا:" فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ*وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ *إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ *فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ *لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ *تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ "(الواقعة: ٧٥ - ٨٠)
فأدخل " لَا "على الفعل " أُقْسِمُ "، والسؤال الذي يتردد دائمًا، وبكثرة ملحة: ما دلالة " لَا " هذه، وما سر دخولها على فعل القسم ؟
ولعلماء النحو والتفسير أقوال في الإجابة عن ذلك، والتعليل له أقوال؛ أشهرها: أن"لَا " أدخلت الفعل " أُقْسِمُ "زائدة لتأكيد القسم. أو صلة، فيكون دخولها في الكلام، وخروجها منه سواء.
والقول الأول هو قول جمهور البصريين، والثاني هو قول جمهور الكوفيين، وعلى القولين يكون معنى الكلام على إسقاط "لَا "، وتقديره:
فأقسم بمواقع النجوم- وإنه لقسم لو تعلمون عظيم- إنه لقرآن كريم
وقد احتج بعضهم على ذلك بأن الله تعالى قد سمَّاه قسمًا، فقال سبحانه معترضًا بين القسم وجوابه:
" وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ".
والمستقرىء للآيات القرآنية، التي جاء فيها فعل القسم مسبوقًا بـ"لَا " هذه، يجد أن هذا الفعل فيها مسند إلى الله تعالى، لا إلى غيره؛ كما هو ظاهر في قوله تعالى:
" فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ"(الواقعة: ٧٥)
ومثل ذلك قوله تعالى:
" فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ "(التكوير: ١٥)، وقوله تعالى:
" لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ "(القيامة: ١)، وقوله تعالى:
" لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ "(البلد: ١)
فالمتكلم في ذلك كله هو الله جل وعلا، وكلامه سبحانه منزَّهٌ من العبث والزيادة، التي ينسبها إليه جمهور المفسرين، والنحويين بحجة التوكيد. أو بحجة أن العرب تدخل "لَا " صلة في كلامها، والمعنى على إسقاطها.
وفي كون المتكلم هو الله جل وعلا إشارة إلى أن الله سبحانه، إن شاء أن يقسم على شيء، أقسم عليه بما يشاء من مخلوقاته، وإن لم يشأ، لم يقسم بشيء من ذلك؛ لأنه ليس بحاجة إلى القسم احتياج العبد إليه.. هذا أولاً.
وأما ثانيًا: فإن تدبر معاني هذه الآيات، التي جاء فيها القسم مسبوقًا بالنفي، ثم تدبر معاني غيرها من الآيات، التي جاء فيها القسم مثبتًا، يهدينا إلى أن المُقْسَمَ عليه في الآيات الأولى هو من الأمور الثابتة، التي لا يتطرق إليها الشك أو الظن أبدًا، خلافًا للمُقْسَمِ عليه في الآيات الثانية؛ إذ هو من الأمور، التي تكون موضع شك، أو ظن من قبل المخاطب.
وهذا النوع الثاني من المُقْسَم عليه هو الذي يكون بحاجة إلى أن يُقسَم عليه، دفعًا لمظنة اتهام، أو إزاحة للشك؛ ومثاله قول الله عز وجل:
" فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ "(مريم: ٦٨)
" وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى "*" مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى "(النجم: ١- ٢)
والغرض من هذا القسم تأكيد المُقسَم عليه، وتثبيته في النفوس؛ لأن المخاطب في شك منه.. ونحو ذلك ما وقع من القسم في قوله تعالى:
" قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ "( يونس: ٥٣)
والخطاب هنا للرسول صلى الله عليه وسلم، يحكي استنباء الكافرين له، إن كان الوعيد بالعذاب، الذي توعدهم الله تعالى به في الآخرة حقًّا..


الصفحة التالية
Icon