الربوبية الأولى كانت ربوبية استغاثة ﴿ اذكرني عند ربك ﴾ ولا مغيث إلا الله قال تعالى ﴿ إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم ﴾ فعاقبه الله تعالى لأنه التمس من غير الله ما لا يطلب إلا من الله فضلا عن كونه نبي، أما في الثاني ﴿ ارجع إلى ربك ﴾فالمراد منها استفهام استنكاري عن تقطيع النسوة أيديهن.. ليس إلا.. ولا حرج في ذلك..
٢٥. قال تعالى: ﴿ وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب ﴾ ثم قال تعالى :﴿ ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون ﴾ الزخرف ٧٧.. لماذا تغير طلب أصحاب النار في الآيتين.. ؟؟؟
الطلب في الأولى لخزنة جهنم وفي الثانية لخازن النار، والفرق هو أن خازن النار أي ( مالك ) هو أقرب عند الله من خزنة جهنم لأنهم أعوانه يعملون بأمرته وكلهم محكوم لأمر اله، فكان طلب أصحاب النار من مالك أشد رحم لهم من طلبهم من خزنة جهنم باعتبار قرب مالك من الله فقالوا ﴿ ليقض علينا ربك ﴾ وهذه رحمة بأصحاب النار أن يموتوا فيسلموا من العذاب، بينما كان طلبهم من الخزنة فيه رحمة محدودة قياسا لطلبهم من مالك فقالوا ﴿ يوما ﴾ ولم يقولوا يرفع عنا العذاب يوما بل ﴿ يخفف ﴾ أي أن العذاب موجود حتى بعد التخفيف.. فناسب طلبهم من مالك منزلته من الله وناسب طلبهم من الخزنة منزلتهم من الله أيضا..
٢٦. قال تعالى :﴿ والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا ﴾ الكهف ٤٦ وقال تعالى ﴿ والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا ﴾ مريم ٧٦.. هنا ﴿مردا ﴾وفي الأولى ﴿أملا ﴾ فلماذا هذا التغيير.. ؟؟؟
من تتبع سياق الآيات التي تسبق يلاحظ أن الأولى كانت ﴿ المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا ﴾ ومن المعلوم أن المال والبنين مما يحرك في النفس بواعث الأمل في الحياة قال تعالى في صاحب الجنتين ﴿ ما أظن أن تبيد هذه أبدا ﴾الكهف ثم قال ﴿ ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا ﴾ الكهف.. فجاءت ﴿ أملا﴾ لمناسبة معنى الآية والإقرار أن الباقيات الصالحات هي ما يؤمل به عند الله تعالى وليس المال والبنون، أما مردا فلأن السياق القرآني كان يتكلم عن يوم القيامة ومشاهدها.. قال تعالى في الآيات التي تسبق هذه الآية ﴿ ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ﴾ مريم.. ثم قال تعالى ﴿ ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ﴾ مريم.. ثم قال ﴿ وإن منكم إلا واردها ﴾ مريم.. ثم قال ﴿ ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الضالمين فيها جثيا ﴾ مريم.. إذن فالآيات تتكلم عن مرد الناس لله يوم القيامة ﴿ وأن مردنا إلى الله ﴾ غافر.. فجاء تعالى بلفظ ﴿ مردا ﴾ لمناسبة سياق الآيات..
بقلم : علي جاسم محمد من العراق
==============
خواطر قرآنية الجزء الثالث
بقلم الشيخ علي جاسم محمد
١. قال تعالى:﴿ اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون ﴾ [المائدة: ٣ ] وقال تعالى:﴿ ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ﴾ [البقرة : ١٠٩].
ثم قال تعالى ﴿ ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم ﴾ [آل عمران : ٦٩] وقال تعالى ﴿ولا يزالون يقاتلوكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ﴾ [البقرة: ٢١٧] في الأولى أخبر تعالى أنهم يئسوا من دينكم ثم أخبر بعد ذلك أنهم يودوا لو يردونكم من بعد إيمانكم.. وقال بعد ذلك أنهم لا زالوا يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم.. وكونهم يودوا إضلالنا ولا زالوا يقاتلوننا يتنافى مع معنى اليأس لأن اليأس يوقف العمل والسعي كما قال تعالى على لسان يعقوب ﴿ يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيئسوا من روح الله ﴾ ولو يئسوا ما بحثوا، فكذلك الكفار وهم كما أخبر تعالى لا يزالون.. فكيف ذلك ؟؟؟
ج. في الأولى أنهم قد يئسوا من أن يمسوا المنهج بتحريف، بينما في التاليتان هم ما يئسوا من المتمنهج.. أي أنهم قد يئسوا من تحريف الإسلام كمنهج وما يئسوا من إضلال المسلم كمتمنهج.. ذلك لأن منهجية الإسلام تكفل الله تعالى بحفظها بقوله :﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ [الحجر].. أما المسلم فالابتلاء والتعرض لمزالق أهل الضلال والكفر من ضروريات إيمانه ليختبر الله تعالى ثباته على الإيمان ﴿ أحسب الذين آمنوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ﴾ [العنكبوت] فلا تناقض بين الحالتين..
٢. قال تعالى:﴿ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ﴾ [البقرة: ٢٥٦] وقال تعالى:﴿فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما ﴾ [البقرة : ٢٣٣].. ما الفرق بين (فصل وفصم ) أو انفصال وانفصام.. ؟؟؟
ج. الفصال هو الفصل بين شيئين ومنها ﴿ فصل الخطاب ﴾ أي الفيصل بين الحق والباطل، أما الفصام فهو الكسر.. لكن أي كسر ؟؟ هو الكسر الغير بائن