القصة في القرآن الكريم.. الخصائص والدلالات
د. إبراهيم الصعبي
تتميز القصة في القرآن الكريم بأنها تمتزج بموضوعات السورة التي ترد فيها امتزاجاً عضوياً لا مجال فيها للفصل بينها وبين غيرها من موضوعات السورة، بحيث لو حذفنا القصة من موقعها الوارد في السورة لاختل المعنى، لأن القصة تسهم في بيان مضمون النص وإيضاحه للقارئ، فلو حذفنا على سبيل المثال، قصة الغراب التي وردت أثناء الحديث عن قصة ابني آدم (قابيل وهابيل) لما استقام المعنى، لأن الغرض من ذكر الغرابين كان لحكمة إلهية لبيان حكمة دفن الموتى.
ولا ترد القصة في القرآن الكريم إلا إذا تطلبها المقام واقتضت البلاغة ذكرها، ويذكر الجزء الذي له علاقة بموضوع السورة، ولا تذكر القصة كاملة، ولهذا خلت سورتا "الأعراف" و "هود" من الحديث عن قصة إبراهيم - عليه السلام - على الرغم من أن السورتين تحدثتا عن قصص الأنبياء.
وقد يكون الدافع من ذكر القصة في السورة هو بيان قدرة الله سبحانه وتعالى كما في قصة أهل الكهف، وقصة إحياء الموتى كما في سورة البقرة، فاستدعى المقام التذكير بقدرة الله، وقد جاء الحديث عن قدرة الله سبحانه وتعالى ضمن السياق والجو العام الذي يتناسب مع موضوع السورة.
وإذا ما تأملنا مقدمة القصة القرآنية فإننا نجد أن الخطاب في الغالب يكون موجهاً للنبي عليه الصلاة والسلام دلالة على أن هذه القصة تساق لأجله ولأجل دعوته إما لتثبيته ولتأكيد دعوته بسوق معجزة جديدة من خلال هذه القصة، إما لردع معانديه وتخويفهم، كما في قوله تعالى: نتلو عليك من نبأ موسى" وفرعون بالحق لقوم يؤمنون (٣) ﷺ القصص: ٣} ومن خلاله عليه الصلاة والسلام كان الحديث يوجه لعامة المؤمنين.