(٢٥) سورة الفرقان
سميت هذه السورة سورة الفرقان في عهد النبي - ﷺ - وبمسمع منه. ففي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب أنه قال: "سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم فلبيته بردائه فانطلقت به أقوده إلى رسول الله فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها.." الحديث.
ولا يعرف لهذه السورة اسم غير هذا. والمؤدبون من أهل تونس يسمونها "تبارك الفرقان" كما يسمون "سورة الملك" تبارك، وتبارك الملك.
ووجه تسميتها "سورة الفرقان" لوقوع لفظ الفرقان فيها. ثلاث مرات في أولها ووسطها وآخرها.
وهي مكية عند الجمهور. وروي عن ابن عباس أنه استثنى منها ثلاث آيات نزلت بالمدينة وهي قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ﴾ إلى قوله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ [الفرقان: ٦٨ - ٧٠]. والصحيح عنه أن هذه الآيات الثلاث مكية كما في صحيح البخاري في تفسير الفرقان: عن القاسم بن أبي بزة أنه سأل سعيد بن جيبر: هل لمن قتل مؤمنا متعمدا من توبة؟ فقرأت عليه: ﴿وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الفرقان: ٦٨]. فقال سعيد: قرأتها على ابن عباس كما قرأتها علي؟ فقال: هذه مكية نسختها" آية مدنية التي في سورة النساء. يريد قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً﴾ [النساء: ٩٣]. وعن الضحاك: أنها مدنية إلا الآيات الثلاث من أولها إلى قوله: ﴿وَلا نُشُوراً﴾ [الفرقان: ٣]. وأسلوب السورة وأغراضها شاهدة بأنها مكية.
وهي السورة الثانية والأربعون في ترتيب النزول، نزلت بعد سورة يس وقبل سورة فاطر، وعدد آياتها سبع وسبعون باتفاق أهل العدد.
أغراض هذه السورة
واشتملت هذه السورة على الابتداء بتحميد الله تعالى وإنشاء الثناء عليه، ووصفه بصفات الإلهية والوحدانية فيها.
وأدمج في ذلك التنويه بالقرآن، وجلال منزله، وما فيه من الهدى، وتعريض بالامتنان على الناس بهديه وإرشاده إلى اتقاء المهالك، والتنويه بشأن النبي - ﷺ -.
وأقيمت هذه السورة على ثلاث دعائم:


الصفحة التالية
Icon