(٣٧) سورة الصافات
اسمها المشهور المتفق عليه "الصافات". وبذلك سميت في كتب التفسير وكتب السنة وفي المصاحف كلها، ولم يثبت شيء عن النبي - ﷺ - في تسميتها، وقال في الإتقان:"رأيت في كلام الجعبري أن سورة "الصافات" تسمى "سورة الذبيح" وذلك يحتاج إلى مستند من الأثر".
ووجه تسميتها باسم "الصافات" وقوع هذا اللفظ فيها بالمعنى الذي أريد به أنه وصف الملائكة وإن كان قد وقع في سورة "الملك" لكن بمعنى آخر إذ أريد هنالك صفة الطير، على أن الأشهر أن "سورة الملك" نزلت بعد "سورة الصافات".
وهي مكية بالاتفاق وهي السادسة والخمسون في تعداد نزول السور، نزلت بعد سورة الأنعام وقبل سورة لقمان.
وعدت آيها مائة واثنتين وثمانين عبد أكثر أهل العدد. وعدها البصريون مائة وإحدى وثمانين.
أغراضها
إثبات وحدانية الله تعالى، وسوق دلائل كثيرة على ذلك دلت على انفراده بصنع المخلوقات العظيمة التي لا قبل لغيره بصنعها وهي العوالم السماوية بأجزائها وسكنها ولا قبل لمن على الأرض أن يتطرق في ذلك. إثبات أن البعث يعقبه الحشر والجزاء. ووصف حال المشركين يوم الجزاء ووقوع بعضهم في بعض. ووصف حسن أحوال المؤمنين ونعيمهم. ومذاكرتهم فيما كان يجري بينهم وبين بعض المشركين من أصحابهم في الجاهلية ومحاولتهم صرفهم عن الإسلام. ثم انتقل إلى تنظير دعوة محمد - ﷺ - قومه بدعوة الرسل من قبله، وكيف نصر الله رسله ورفع شأنهم وبارك عليهم. وأدمج في خلال ذلك شيء من مناقبه وفضائلهم وقوتهم في دين الله وما نجاهم الله من الكروب التي حفت بهم. وخاصة منقبة الذبيحة، والإشارة إلى أنه إسماعيل. ووصف ما حل بالأمم الذين كذبوهم. ثم الأنحاء على المشركين فساد معتقداتهم في الله ونسبتهم إليه الشركاء. وقولهم: الملائكة بنات الله، وتكذيب الملائكة إياهم على رؤوس الأشهاد. وقولهم في النبي - ﷺ - والقرآن وكيف كانوا يودون أن يكون لهم كتاب. ثم وعد الله رسوله بالنص كدأب المرسلين ودأب المؤمنين السابقين، وأن عذاب الله نازل بالمشركين، وتخلص العاقبة الحسنى للمؤمنين. وكانت فاتحتها مناسبة لأغراضها بأن القسم بالملائكة مناسب لإثبات الوحدانية لأن الأصنام لم يدعوا لها ملائكة، والذي تخدمه الملائكة هو الإله الحق ولأن الملائكة من جملة المخلوقات الدال خلقها على عظم الخالق، ويؤذن القسم بأنها أشرف المخلوقات العلوية.