(٥٥) سورة الرحمن
وردت تسميتها بسورة الرحمن بأحاديث منها ما رواه الترمذي عن جابر بن عبد الله قال خرج رسول الله - ﷺ - على أصحابه فقرأ سورة الرحمن الحديث.
وفي تفسير القرطبي أن قيس بن عاصم المنقري قال للنبي - ﷺ - اتل علي ما أنزل عليك، فقرأ عليه سورة الرحمن، فقال: أعدها، فأعادها ثلاثا، فقال: إن له لحلاوة الخ.
وكذلك سميت في كتب السنة وفي المصاحف.
وذكر في الإتقان : أنها تسمى عروس القرآن لما رواه البيهقي في شعب الإيمان عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - يَقُولُ :" لِكُلِّ شَيْءٍ عَرُوسٌ، وَعَرُوسُ الْقُرْآنِ الرَّحْمَنُ " (١). وهذا لا يعدوا أن يكون ثناء على هذه السورة وليس هو من التسمية في شيء كما روي أن سورة البقرة فسطاطا القرآن (٢).
ووجه تسميه هذه السورة بسورة الرحمن أنها ابتدئت باسمه تعالى ﴿الرحمن﴾ [الرحمن: ١].
وقد قيل: إن سبب نزولها قول المشركين المحكي في قوله تعالى ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ﴾ [الفرقان: ٦٠] في سورة الفرقان، فتكون تسميتها باعتبار إضافة سورة إلى الرحمن على معنى إثبات وصف الرحمن.
وهي مكية في قول جمهور الصحابة والتابعين، وروى جماعة عن ابن عباس أنها مدنية نزلت في صلح القضية عندما أبى سهيل بن عمرو أن يكتب في رسم الصلح ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.
ونسب إلى ابن مسعود أيضا أنها مدنية. وعن ابن عباس: أنها مكية سوى آية منها هي قوله: ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن: ٢٩] والأصح أنها مكية كلها وهي في مصحف ابن مسعود أول المفصل. وإذا صح أن سبب نزولها قول المشركين ﴿وما الرحمن﴾ تكون نزلت بعد سورة الفرقان.

(١) - شُعَبُ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ (٢٣٩٢ ) وسنده واه
(٢) - الظاهر أن معنى : لكل شيء عروس، أي لكل جنس أو نوع واحد من جنسه يزيد تقول العرب : عرائس الإبل لكرائمها فإن العروس تكون مكرمة مزينة مرعية من جمع الأهل بالخدمة والكرامة. ووصف سورة الرحمن بالعروس تشبيه ما تحتوي عليه من ذكر الحبرة والنعيم في الجنة بالعروس في المسرة والبذخ، تشبه معقول بمحسوس ومن أمثال العرب : لا عطر بعد عروس على أحد تفسيرين للمثل أو تشبيه ما كثر فيها من تكرير ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ بما يكثر على العروس من الحلي في كل ما تلبسه.


الصفحة التالية
Icon