(٦٣) سورة المنافقون
سميت هذه السورة في كتب السنة وكتب التفسير سورة المنافقين اعتبارا بذكر أحوالهم وصفاتهم فيها.
ووقع هذا الاسم في حديث زيد بن أرقم عند الترمذي قوله: "فلما أصبحنا قرأ رسول الله - ﷺ - سورة المنافقين". وسيأتي قريبا، وروى الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - ﷺ - يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة فيحرض بها المؤمنين، وفي الثانية بسورة المنافقين فيقرع بها المنافقين.
ووقع في صحيح البخاري وبعض كتب التفسير تسميتها سورة المنافقون على حكاية اللفظ الواقع في أولها وكذلك ثبت في كثير من المصاحف المغربية والمشرقية.
وهي مدنية بالاتفاق.
واتفق العادون على عد آيها إحدى عشرة آية.
وقد عدت الثانية بعد المائة في عداد نزول السور عند جابر بن زيد. نزلت بعد سورة الحج وقبل سورة المجادلة.
والصحيح أنها نزلت في غزوة بني المصطلق ووقع في جامع الترمذي عن محمد بن كعب القرظي أنها نزلت في غزوة تبوك. ووقع فيه أيضا عن سفيان: أن ذلك في غزوة بني المصطلق وغزوة بني المصطلق سنة خمس، وغزوة تبوك سنة تسع.
ورجح أهل المغازي وابن العربي في العارضة وابن كثير: أنها نزلت في غزوة بني المصطلق وهو الأظهر. لأن قول عبد الله بن أبي بن سلول: ليخرجن الأعز منها الأذل، يناسب الوقت الذي لم يضعف فيه شأن المنافقين وكان أمرهم كل يوم في ضعف وكانت غزوة تبوك في آخر سني النبوة وقد ضعف أمر المنافقين.
وسبب نزولها ما روي عن زيد بن أرقم أنه قال: كنا في غزاة فكسع١ رجل من المهاجرين رجلا جهنيا حليفا للأنصار فقال الجهني: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين: فسمع ذلك رسول الله - ﷺ - فقال: "ما بال دعوى الجاهلية،" قالوا: كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال "دعوها فإنها منتنة" أي اتركوا دعوة الجاهلية: يآل كذا فسمع هذا الخبر عبد الله بن أبي فقال: أقد فعلوها أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. وقال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، قال زيد بن أرقم: فسمعت ذلك فأخبرت به عمي فذكره للنبي - ﷺ - فدعاني فحدثته فأرسل رسول الله إلى عبد الله بن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا، فكذبت رسول الله وصدقه فأصابني هم لم يصبني مثله