(٧٦) سورة الإنسان
سميت في زمن أصحاب رسول الله - ﷺ - "سورة هل أتى على الإنسان". روى البخاري في باب القراءة في الفجر من صحيحه عن أبي هريرة قال: "كان النبي - ﷺ - يقرأ في الفجر ب ﴿ألم﴾ السجدة و ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ﴾" [الانسان: ١].
واقتصر صاحب "الإتقان" على تسمية هذه السورة "سورة الإنسان" عند ذكر السور المكية والمدنية، ولم يذكرها في عداد السور التي لها أكثر من اسم.
وتسمى "سورة الدهر" في كثير من المصاحف.
وقال الخفاجي تسمى "سورة الأمشاج"، لوقوع لفظ الأمشاج فيها ولم يقع في غيرها من القرآن.
وذكر الطبرسي: أنها تسمى"سورة الأبرار"، لأن فيها ذكر نعيم الأبرار وذكرهم بهذا اللفظ ولم أره لتغييره.
فهذه خمسة أسماء لهذه السورة.
واختلف فيها فقيل هي مكية، وقيل مدنية، وقيل بعضها مكي وبعضها مدني، فعن أبن عباس وابن أبي طلحة وقتادة ومقاتل: هي مكية، وهو قول ابن مسعود لأنه كذلك رتبها في مصحفه فيما رواه أبو داود كما سيأتي قريبا. وعلى هذا اقتصر معظم التفاسير ونسبه الخفاجي إلى الجمهور.
وروى مجاهد عن أبن عباس: أنها مدنية، وهو قول جابر بن زيد وحكي عن قتادة أيضا. وقال الحسن وعكرمة والكلبي: هي مدنية إلا قوله: ﴿وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً﴾ [الانسان: ٢٤] إلى آخرها، أو قوله: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ﴾ [الانسان: ٢٤]الخ. ولم يذكر هؤلاء أن تلك الآيات من أية سورة كانت تعد في مكة إلى أن نزلت سورة الإنسان بالمدينة وهذا غريب. ولم يعينوا أنه في أية سورة كان مقروءا.
والأصح أنها مكية فإن أسلوبها ومعانيها جارية على سنن السور المكية ولا أحسب الباعث على عدها في المدني إلا ما روي من أن آية ﴿يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ [الانسان: ٨] نزلت في إطعام علي أبن أبي طالب بالمدينة مسكينا ليلة، ويتيما أخرى، وأسيرا أخرى، ولم يكن للمسلمين أسرى بمكة حملا للفظ أسير على معنى أسير الحرب، أو ما روي انه نزل في أبي الدحداح وهو أنصاري، وكثيرا ما حملوا نزول الآية على مثل تنطبق عليها معانيها فعبروا عنها بأسباب نزول كما بيناه في المقدمة الخامسة.


الصفحة التالية
Icon